وغرض وقصد منها إلى اصلاح الكائنات فلا يتصف هي أيضا بالتشوق إلى ما دونها بل بالالتفات إلى ذواتها لكونها هائمه في جمال الأزل مستغرقه في شهود الوجود الحقيقي ولاتصالها به ودوام استغراقها في المبدء الاعلى لا يوصف بالشوق بالنسبة إلى العالي أيضا الا بنحو مندمج في ذواتها الامكانية بحسب خفاء ماهياتها وظلمه جواهرها عند اعتبار أنفسها في نحو من انحاء ملاحظه العقل إياها مجرده عن وجودها الواجب بوجوب وجود بارئها وذلك لأجل قصور وجوداتها ونقصان هوياتها عن مشاهده ما يزيد عليها واشراق ما يفضل على حدقه ادراكها من الوجود الحقيقي والنور الاحدى فهي من ذلك الوجه من الخفاء والظلمة والكدوره اللازمة للماهية من حيث هي في اعتبار العقل المرتفعه في الواقع الزائله عند سطوع نور الأول تعالى على ذواتها النورية الوجودية القدوسيه واما غير هاتين المرتبتين من الوجود فسواء كانت نفوسا فلكيه أو صورا سماوية (1) أو طبائع نوعيه عنصريه أو جواهر امتداديه أو هيولي جسميه فان جميعها مما يستصحبها قوه وشوق إلى تمام أو كمال كما سينكشف لك في باب الهيولى إن شاء الله تعالى وقد علم من ذي قبل في مبحث الغايات شوق المتحركات ليتضح ان جميع هذه الأشياء كائنه على اعتراف شوق من هذا البحر الخضيم بل على اعتراف بالعبودية لهذا المبدع القديم وإذا تمهدت (2) هذه الأركان والأصول وتقررت هذه الدعاوى التي بعضها
(٢٣٨)