في هذه الأعصار جعل في القوانين العرفية من وظائف مدعي العموم فإنه يشك في كونه من وظيفة الولاة أو من وظيفة القضاة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن مرجع الخلاف في ثبوت الولاية العامة للفقيه إلى الخلاف في أن المجعول له هل هو وظيفة القضاة أو أنه منصوب لوظيفة الولاة، فإن ثبت كونه واليا فيجوز له التصدي لكل ما هو من وظائف الولاة التي عرفت أن منها وظيفة القضاة، وإن ثبت له وظيفة القضاة فلا يجوز له التصدي لغيرها ولا ينفذ منه لو تصداه كما أنه لا يجوز ولا يصح منه تصدي ما يشك في كونه من وظيفة القاضي أو الوالي، بل يجب الاقتصار على ما علم كونه وظيفة القاضي، هذا مع تبين الأمر، ومع الشك في كونه منصوبا لوظائف القضاة أو الولاة ويجب الاقتصار أيضا على ما يعلم بكونه من وظائف القضاة ولا يجوز له التعدي إلى ما علم كونه من وظائف الولاة أو شك فيه، و ذلك لما عرفت من أن الأصل الأولى يقتضي عدم النفوذ إلا ما خرج بالدليل وعند الشك في كون المجعول أي الوظيفتين يكون المتيقن من الخارج عن حكم الأصل الأولى هو المعلوم كونه من وظائف القضاة دون غيره مما علم أنه من وظيفة الوالي أو المشكوك منه.
إذا تبين محل النزاع فاعلم أنه ذهب جمع إلى ثبوت الولاية للفقيه بما هو وظيفة الولاة، واستدلوا له بأخبار، مثل قوله (ع) " العلماء ورثة الأنبياء " وقوله (ع) " العلماء أمناء الرسل " وقوله صلى الله عليه وآله " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " أو أنهم أفضل،، وقوله عليه السلام " أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه " وقوله صلى الله عليه وآله بعد السؤال عن خلفائه عند الترحم عليهم بأنهم اللذين يأتون بعدي ويروون حديثي،