المرتبتين ظاهر، حيث إن الأولى تكوينية والثانية ثابتة في عالم التشريع وإن كانت الثانية أيضا لا تكون ثابتة إلا لمن له المرتبة الأولى إذ ليس كل أحد لائقا للتلبس بذلك المنصب الرفيع والمقام المنيع إلا من خصه الله بكرامته وهو صاحب المرتبة الأولى على ما هو الحق عندنا خلافا للعامة الذاهبين إلى اثبات تلك المرتبة الثانية لكل من يقلد أمر الأمة من كل بر وفاجر ولو كان من آل يزيد أو آل مروان (ولا اشكال عندنا) في ثبوت كلتا المرتبتين من الولاية للنبي وللأوصياء من عترته صلوات الله عليه وعليهم، ويدل عليه الأدلة الأربعة كما استدل به المصنف في الكتاب فلا يعبأ بخلاف من يخص الولاية التشريعية بخصوص وجوب اتباعهم في الأحكام الشرعية والتقبل عنهم فيما يبلغون منها، وقال بعدم الدليل على وجوب الإطاعة في الزائد عن ذلك كما في الأمور العادية مثل الأكل والنوم والمشي والقيام والقعود فلا يجب امتثالهم فيما يأمرون بالأمور المتعارفة لعدم ثبوت السلطنة لهم في أمثاله (ولا يخفى وهنه وسخافته) بل الأدلة الأربعة ناهضة على رده، وكأنه تبع في ذلك للمخالفين الذين لا يوافقونه في الرأي غفلة عن حقيقة الحال (وبالجملة) ما أحسن ما ذكره بعضهم في تعريف الولاية بقوله إنها عبارة عن الرياسة على الناس في أمور دينهم ودنياهم ومعاشهم ومعادهم (ويدل) على ثبوت هذا المعنى لهم قوله صلى الله عليه وآله في خطبة الغدير " ألست أولى بكم من أنفسكم " وغيره من الأخبار المتظافرة الظاهرة دلالتها في هذا المعنى فلا ينبغي الارتياب في ذلك. هذا في ولايتهم عليه السلام.
وأما ولاية الفقيه في عصر الغيبة باعتبار المرتبة الثانية فهي محل الخلاف بينهم من حيث السعة والضيق، وقد عبروا في تحرير محل البحث بعبائر غير نقية، والأحسن أن يقال إنه لا اشكال في قابلية المرتبة الثانية