إرادي بينه وبينها: وذلك كما في مثل حفر البئر والسقوط فيه فإن الموت المترتب على سقوطه فيه لم يتخلل بينه وبين فعل الحفر فعل إرادي آخر وفي هذا القسم يكون الضمان على الحافر.
وكحكم الحاكم المترتب على شهادة الزور وكالقتل المترتب على حكم الحاكم بالقود، حيث إن الضمان في أمثال هذه الموارد لا يتوجه على المباشر، بل يتوجه إلى السبب (وثانيهما) ما كان السبب سببا على اقدام الفاعل المختار على الضمان ومورد هذا ما إذا تخلل الفعل الاختياري بين المقدمة الاعدادية وبين المسبب المترتب عليها ثم صدور الفعل الاختياري عن فاعله المتخلل بينهما إما يكون مع العلم من الفاعل والالتفات إلى أنه موجب للضمان أو لا يكون كذلك.
والأول كما إذا تخلل دفع الدافع بين الحفر وبين السقوط في البئر وفي مثله يكون الضمان على المباشر بلا رجوعه إلى سبب الحفر. فإن الدافع (ح) هو المفدمة الأخيرة في سلسلة الاعدادات، وهذا القسم خارج عن مورد قاعدة التسبيب بكل واحد من اطلاقيها.
والثاني لا يخلو إما أن يكون السبب موقعا لذاك المباشر الاختياري في الضمان ابتداء مثل ما إذا التمس المديون عن آخر قضاء دينه فإنه سبب في ضمان الضامن بالتماسه منه الضمان، وأما يكون موقعا إياه في الضمان بايقاعه إياه في فعل يكون ذاك الفعل موجبا للضمان، كما إذا أحضر عنده طعاما مرائيا كونه منه. فأكله الآكل بتخيل أنه ملك لمن أحضره، ثم تبين كونه لغيره فإن فعل الآكل المباشر للأكل وإن كان اختياريا، لكن تضمينه قيمة الطعام ليس باختياره. وإنما هو وقع في الضمان بسبب احضار الطعام عنده فمن أحضره عنده يكون موقعا إياه في الضمان والضامن هو الآكل.