يقال وردت أخبار كثيرة على أنه لو تعدى العامل في المضاربة عما اشترط عليه من اشتراط شئ خاص أو التجارة في مكان مخصوص، فاشترى ما نهي عن اشترائه أو اتجر في غير مكان الذي أمر بالتجارة فيه يكون ضامنا وعليه الخسارة والربح بينهما على ما شرطاه، ولا يخفى أن كون الربح بينهما يتوقف على صحة معاملة العامل مع أنها لم تكن مأذونا فيه فلا بد من أن نلتزم بتعقبها تما يصححها بعد ظهور الربح من الرضا بها بناء على مختار المصنف من كفاية الرضا ولو لم يكن استناد في البين، أو الإجازة اللاحقة بناء على المختار من عدم الاكتفاء بصرف الرضا واعتبار الاستناد فيصير الخبر بهذه العناية دليلا على صحة الفضولي بالإجازة هذا:
ولكن الانصاف عدم دلالة تلك الطائفة من الأخبار على صحة الفضولي بوجه من الوجوه، وتوضيحه أن تلك الأخبار على طائفتين (إحديهما) ما تدل على ضمان العامل عند التعدي بإتيان نفس ما نهاه المالك عن اتيانه (الثانية) ما تدل على ضمانه عند التعدي بالاتجار في غير ما عينه المالك لأن يتجر فيه ثم مقتضى عموم أدلة المضاربة هو عدم ضمان العامل للخسارة و أن الربح بينهما على ما شرطاه أما عدم ضمانه للخسارة على المالك فلمقتضى أمانته وليس على الأمين ضمان، وأما كون الربح بينهما على ما شرطاه فبمقتضى دليل المضاربة، ومع التعدي يخرج عن الأمانة فتكون الخسارة عليه، وهذا مطابق مع القاعدة لكن لما لم يكن ما صدر عنه عن وكالة من المالك بل كان مخالفا مع ما أذن به كان اللازم بطلان معاملته ومقتضى بطلانه كون عين مال المالك الذي اشتراه المشتري عن العامل باقيا على ملك المالك فله ارتجاعه مع بقائه والرجوع إلى مثله أو قيمته عند تلفه، وللمشتري أيضا الرجوع إلى العامل بعين ثمنه مع وجوده أو مثله