لم يسلم له المعوض، وعدم سلامته له لا يوجب مجانية تسليطه كما لا يخفى. فموجب الضمان في هذا القسم موجود وهو الاقدام على التسليط المعاوضي.
وأما القسم الثاني أعني ما كان الفساد من جهة اشتراط عدم العوض وهذا في عالم الثبوت بتصور على أحد نحوين (أحدهما) أن يكون قول القائل بلا ثمن في قوله بعتك بلا ثمن مثلا، قرينة على إرادة الهبة من البيع فهو انشاء الهبة بلفظ مجازي وهو البيع مع نصب القرينة على إرادة المجاز فكأنه قال وهبتك و (ح) ففي صحة هبته هذا وفساده (وجهان) ناشيان من اعتبار الألفاظ الحقيقي في العقود وعدمه، فإن قلنا باعتبارها يحكم بالبطلان، وإن قلنا بعدم اعتبارها فيحكم بالصحة (وثانيهما) أن يكون اشتراط عدم الثمن شرطا مخالفا لمقتضى العقد ويكون مخالفا مع صدر الكلام لا أنه قرينة على إرادة خلاف الظاهر من الصدر، ويترتب عليه الفساد لاشتماله على الشرط المخالف مع مقتضى العقد.
وهذا الأخير هو الأقوى وعليه الأصحاب، لضعف الاحتمال الأول، وإن قالوا به بعض، وذلك لأن القرينة هي ما توجب ظهور اللفظ في المعنى المجازي لا كلما يناقض المعنى الحقيقي ويضاده، ولو لم يوجب ظهور اللفظ في خلافه. كيف ولو كان كل ما يناقض صدر الكلام قرينة على حمل الصدر على المعنى المجازي لا نسد باب تحقق الشرط المخالف للعقد بالكلية، إذ كلما يخالف مقتضى العقد يجعل (ح) قرينة على إرادة المعنى المجازي لكي يلائم مع القرينة، وهذا كما ترى فكلمة بلا ثمن في بعتك بلا ثمن أو بلا أجرة في آجرتك بلا أجرة مخالف، مع قوله بعت أو آجرت وموجب لفساد العقد.