والوطء من غير إحبال، بل يمكن إرجاع القولين الأولين إلى هذا، فإن من البعيد القول باللزوم وعدم جواز الرجوع بمجرد التصرف بمثل السكنى وأشباهه مما يصدق معه بقاء العين قائمة، كما أن من البعيد القول ببقاء الجواز وصدق القيام بعينه بمثل البيع ونحوه من التصرفات الناقلة، بل يمكن أن يقال: إن الانتقال إلى الغير ملحق بالتلف سواء كان النقل جائزا أو لازما، وكذا بمثل الاستيلاد وطحن الحنطة ونحو هذا وكيف كان فالمدار على بقاء العين في يد المتهب على الحالة التي كانت عليها وعدمه، لأن الظاهر من كون الهبة قائمة بعينها وعدم كونها كذلك وتشخيص الصغريات موكول إلى العرف.
ثم الظاهر أنها لو خرجت عن ملك المتهب ثم عادت إليه بمثل الشراء والإرث ونحوهما لا يعود الجواز، لما عرفت من أن المناط بقاؤها في يد المتهب على ما كانت عليه، وليس كذلك بعد الانتقال إلى الغير وإن عادت إليه، بل وكذا لو عادت إليه بالإقالة أو الفسخ بالخيار لأن المفروض سقوط الجواز بتمليك الغير والملكية الحاصلة بها ملكية أخرى جديدة، إذ العود لا يبطل الملكية المتخللة الثابتة للغير حتى يعود الملكية الأولية للمتهب ولذا يكون النماء المتخلل للمنتقل إليه لا للمتهب، لكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال، لإمكان دعوى صدق بقاء العين قائمة في يد المتهب عرفا وحكمهم بأن هذه الملكية هي السابقة الزائلة العائدة، بخلاف العود بمثل الشراء والإرث.
ثم إذا تغيرت العين إلى حالة شك معه صدق القيام بعينه وعدمه، فالظاهر عدم جواز الرجوع، لأنه معلق على عنوان القيام بعينه والمفروض الشك في صدقه، ولا مجرى لاستصحاب بقاء الجواز لأنه لا يثبت أن هذا الموجود يجوز الرجوع فيه. فتأمل. هذا إذا لم يعلم بقاء الموضوع في الاستصحاب وشك فيه، فإن المستصحب حينئذ بقاء