ذلك إنما هو بحدوثه بإرادة جديدة، لا أن يكون ذلك له من حين العقد، أو من حين الإقباض، وبهذا فرق بين المقام وبين حق الخيار فإنه ثابت من حين العقد، وأيضا هذا الحق ضعيف فلا يدخل في عموم ما ترك (1).
وفيه ما لا يخفى، إذ الإعراض ممنوع، والجواز ثابت من الأول، فلا فرق بينه وبين حق الخيار، وضعف الحق لا يمنع من دخوله في عموم ما ترك.
(مسألة 9): إذا وهب بقصد القربة لم يجز له الرجوع بعد القبض، إما لأنه حينئذ يدخل في عنوان الصدقة، وإما لعموم ما دل على أن من أعطى لله أو في الله شيئا فليس له أن يرجع فيه، وربما يستدل عليه بأنه إذا قصد القربة فقد استحق الثواب وصار ذلك عوضا فيدخل في الهبة المعوضة فلا يجوز الرجوع فيها كما يأتي إن شاء الله.
(مسألة 10): لا يجوز الرجوع في الهبة إذا عوض عنها قليلا كان أو كثيرا على ما تراضيا عليه، ولا خلاف فيه حتى من السيد المرتضى (قدس سره)، وهل يجوز التعويض بنفس ما وهب كلا أو جزء، يظهر من صاحب المسالك: جواز التعويض ببعضه (2) وأورد عليه بأنه كالتعويض بالكل يحسب ردا لا تعويضا (3). ودعوى: صدق التعويض لأنه صار مالكا فله أن يعطيه عوضا، محل منع، لكن الظاهر أنه لا مانع من أن يقول:
وهبتك هذا بشرط أن تهبني إياه بعد شهر أو سنة وهي هبة معوضة، ثم لا فرق بين أن يكون مشروطا في العقد أو لم يشترط ولكنه عوض عنها. نعم لا بد أن يكون برضى الواهب مع قصد العوضية، فلا يكفي مجرد إعطائه شيئا لا بقصد التعويض ولا مع اطلاع الواهب أنه قصد