يفرع، والثاني على طريق الحكم ليحكما على ما يؤدي اجتهادهما إليه.
فمن قال على طريق الحكم، بعث الحاكم بالحكمين، ولم يلتفت إلى رضا الزوجين بذلك، وقال لهما: إن رأيتما الإصلاح فأصلحا، وإن رأيتما الفراق بطلاق أو بخلع فافعلاه: فإن كانت المصلحة في الصلح فلا بد أن يجتمع الحكمان عليه لأن الصلح من جهة كل واحد منهما، وإن كانت المصلحة في الخلع فكذلك أيضا لا بد أن يجتمعا، لأنه عقد معارضة يبذل أحدهما عنها ويقبل الآخر للزوج، وإن كانت المصلحة في الطلاق فلا يفتقر إيقاعه إلى اجتماعهما، لأن الذي من جهتها لا صنع له في الطلاق.
ومن قال هو توكيل افتقر إلى نص كل واحد منهما بالتوكيل من جهته، فالزوج يوكل من جهته من يصالح ويفعل ما فيه المصلحة من طلاق بعوض وبغير عوض وتوكل هي على هذا فتقول لوكيلها ما رأيته من المصلحة من إصلاح أو طلاق أو خلع فافعل، فإن فعلا هذا برضا منهما فلا كلام، وإن امتنع كل واحد منهما عن التوكيل في ذلك فما الذي يصنع الحاكم؟ يأتي الكلام فيه.
والمستحب على القولين معا أن يحكم الزوج من أهله، وحكم المرأة من أهلها للظاهر، وإن بعث من غير أهلهما جاز، ويكون الحكمان حرين ذكرين عدلين.
والذي يقتضيه مذهبنا أن ذلك حكم، لأنهم رووا أن لهما الإصلاح من غير استيذان، وليس لهما الفرقة بالطلاق وغيره، إلا بعد أن يستأذناهما، ولو كان توكيلا لكان ذلك تابعا للوكالة، وبحسب شرطهما.
وإذا فوضا أمر الخلع والفرقة إلى الحكمين والأخذ لكل واحد منهما من صاحبه، كان عليهما الاجتهاد فيما يريانه.
هذا فيما كان متعلقا بالشقاق من الإصلاح أو الفراق وأما فيما عدا هذا النوع من الحقوق مثل إثبات دين على صاحبه أو استيفاء حقه منه، وقبض ديونه، فهذا توكيل بلا خلاف لا مدخل للحاكم فيه، لأنه لا مدخل له في الشقاق بينهما.