إذا غاب أحد الزوجين بعد التوكيل ولم يفسخ الوكالة كان لوكيله أن يمضي ما وكله فيه، لأن الغيبة لا تفسخ الوكالة، وإذا قيل على سبيل الحكم لم يكن لهما أن يفصلا شيئا لأنا وإن أجزنا القضاء على الغائب فإنما نقضي عليه، فأما يقضى له فلا، وها هنا لكل واحد منهما حق له وعليه، فلم يجز.
إذا غلب على عقل الزوجين أو أحدهما لم يكن لهما إمضاء شئ لأن زوال العقل يزيل التوكيل، ويزيل الحكم الشقاق، ومن قال على طريق الحكم فلا يعتبر رضا الزوجين إلا فيما نقوله نحن خاصة في الفرقة والخلع، ومن قال وكالة قال هو كسائر الوكالات لا يجوز إلا برضاهما.
فإن رضيا فذاك، وإن امتنعا فالحاكم لا يجبرهما على التوكيل، لكنه لا يهمل الأمر بل يراعيه ويبحث عنه حتى يخيره ويقف عليه، فمن كان عليه حق استوفاه لصاحبه، وقطع الشقاق بينهما، وإن كان فيهما من ارتكب ما يستحق به الأدب أدبه على قدر ما يرى من تأديبه، مثل أن منع الحق مع القدرة.
وإذا شرط الحكمان شرطا نظر فيه، فإن كان مما يصلح لزومه في الشرع لزم وإن كان مما لا يلزم مثل أن شرطا عليه ترك بعض النفقة أو القسم أو شرطا عليه ألا يسافر بها، فكل هذا لا يلزم الوفاء به، وإن اختار الزوجان المقام على ما فعله الحكمان كان جميلا، وإن اختارا أن يطرحا فعلا.
وإذا أكرهها على الخلع فبذلت عوضا واختلعت نفسها مكرهة كان الخلع باطلا وعليه رد ما أخذه منها بغير حق، والطلاق واقع، لأنه أوقعه باختياره، وله الرجعة لأن الرجعة إنما تسقط بأن يحصل له العوض، فإذا لم يحصل له العوض لم يسقط الرجعة، وهكذا إن كان الإكراه أن منعها حقها فبذلت الفدية واختلعت نفسها كان هذا إكراها فلا يصح أخذ الفدية به ولا تسقط الرجعية، فجعل منع الحق إكراها.
هذا عند بعض المخالفين فأما عندنا فالذي يقتضيه المذهب أن نقول إن هذا ليس بإكراه لأنه لا دليل عليه.