حين صبرن على الفاقة والجوع والضر، روي عن عايشة أنها قالت مات رسول الله صلى الله عليه وآله وما شبعنا من خبز بر قط.
ثم نسخت وأحلت له النساء بقوله " إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك " الآية (1) وفيها ثلاث أدلة.
أحدها قوله " أحللنا " والاحلال له النساء رفع الحظر، ومعلوم أن أزواجه اللواتي كن معه ما حظرن عليه، فيحتاج إلى رفعه، فدل على أنه أراد من تزوجهن في المستقبل الثاني قوله " وبنات عمك " أي أحللنا لك بنات عمك ومعلوم أنه ما كانت في زوجاته، بنت عم وعمة، وخال وخالة، فدل على أنه أراد في المستقبل.
والثالث قوله " وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي " أي وأحللنا لك امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها، وذلك من حروف الشرط التي تقتضي الاستقبال، ولو قال:
إذ وهبت لكان للماضي وروي أن عايشة قالت للنبي صلى الله عليه وآله لما أنزلت إحلال النساء ما أرى ربي إلا يسارع في هواك.
كل امرأة مات النبي عنها، فإنها لا تحل لأحد أن يتزوجها، سواء دخل بها أو لم يدخل بها، ولم يكن له زوجة إلا وقد كان دخل بها، لكن لو اتفقت له امرأة لم يدخل بها ومات عنها، فحكمها حكم المدخول بها لعموم الآية، وهو إجماع في الزوجات التي مات عنهن.
وأما كل امرأة فارقها في حياته بفسخ مثل المرأة التي وجد بكشحها بياضا ففسخ نكاحها أو بطلاق مثل المرأة التي قالت له أعوذ بالله منك، فطلقها، فهل للغير أن يتزوجها؟ قيل فيه ثلاثة أوجه أحدها وهو الصحيح أنه لا تحل له لعموم قوله " وأزواجه أمهاتهم " ولم يفصل، والثاني تحل لكل أحد سواء دخل بها أو لم يدخل والثالث إن كل دخل بها لم تحل لأحد، وإن لم يدخل بها حلت.
أزواج النبي صلى الله عليه وآله أمهات في معنى العقد عليهن، وليس أمهات حتى تحرم