واللون والصوت والمعايش * والأرزاق شئ وفرق الكلما ثمة لا بد ان سيجمعكم * والله جهدا شهادة قسما فائتمروا الآن ما بدا لكم * واعتصموا ما وجدتم عصما في هذه الأرض والسماء ولا * عصمة منه الا لمن عصما وهي قصيدة طويلة قال المؤلف هذا الشعر قد اشتمل على بيان عظمته تعالى وبديع خلقه وعلى أوضح دليل على قدرته وحكمته ولطيف صنعته مما دل على رجاحة عقله ودقة فهمه لا سيما وقد نظمها في الجاهلية قال صاحب الاستيعاب وفي القصيدة ضروب من دلائل التوحيد والاقرار بالبعث والجزاء والجنة والنار وصفة بعض ذلك على نحو شعر أمية بن أبي الصلت وقد قيل إن هذا الشعر لأمية ولكنه قد صححه يونس بن حبيب وحماد الراوية ومحمد بن سلام وعلي بن سليمان الأخفش للنابغة الجعدي اه وقال المرزباني في معجم الشعراء: تروى لامية بن أبي الصلت والصحيح انها للنابغة وفي الأغاني انه دخل على الحسنين ع يودعهما فاستنشداه شيئا من شعره فأنشدهما هذه القصيدة فقالا يا أبا ليلى ما كنا نروي هذا الشعر الا لامية بن أبي الصلت فقال يا ابني رسول الله اني لصاحب هذا الشعر وأول من قاله وان السروق لمن سرق شعر أمية اه يعني ان شعر أمية لشهرته لا يمكن لأحد ان يسرقه فان سرقه أحد دل على أنه سروق مبالغ في السرقة وفي الأغاني أيضا عن أبي عبيدة معمر بن المثنى كان النابغة الجعدي ممن فكر في الجاهلية وأنكر الخمر والسكر وما تفعل بالعقل وهجر الأزلام والأوثان وكان يذكر دين إبراهيم والحنيفية ويصوم ويستغفر ويتوقع أشياء لعواقبها وشهد مع علي بن أبي طالب صفين وفي الاستيعاب وفد النابغة على النبي ص مسلما وأنشده ودعا له رسول الله ص وقال أيضا انه وفد على رسول الله ص واسلم وحسن اسلامه وله اخبار حسان ثم حكى عن محمد بن سلام ان النابغة الجعدي والشماخ بن ضرار ولبيد بن ربيعة وأبو ذؤيب الهذلي طبقة اه وقال المرزباني في معجم الشعراء كان شاعرا مغلقا طويل البقاء في الجاهلية والاسلام وهو أحد المعمرين وكف بصره بعد أن أسلم وحسن اسلامه وبلغ إلى فتنة ابن الزبير ومات بأصفهان وهو أحد نعات الخيل وكان في صحابة علي بن أبي طالب ع وله مع معاوية اخبار.
اخباره عمر النابغة طويلا كما عرفت. عن السجستاني في كتاب المعمرين فلما أتت عليه مائة واثنتا عشرة سنة قال:
مضت مائة لعام ولدت فيه * وعشر بعد ذاك وحجتان فأبقى الدهر والأيام مني * كما أبقى من السيف اليماني تفلل وهو مأثور جراز * إذا جمعت بقائمه اليدان الا زعمت بنو سعد (1) باني * وما الا كذبوا كبير السن فاني فن يحرص على كبري فاني * من الفتيان أزمان الخنان الخنان مرض أصاب الناس في أنوفهم وحلوقهم وربما اخذ النعم وربما قتل اه وهو بضم الخاء المعجمة وبعدها نون محقفة في القاموس الخنان كغراب زكام الإبل وزمن الخنان كان في عهد المنذر بن ماء السماء وماتت الإبل منه.
وفي الاستيعاب: كان أول ما أنشده رسول الله ص قصيدته الرائية قال وهو قصيد مطول نحو مائتي بيت وما أظن الا وقد أنشده الشعر كله وأوله:
خليلي غضا ساعة وتهجرا * ولوما على ما أحدث الدهر أو ذرا تذكرت والذكرى تهيج للفتى * ومن حاجة المحزون ان يتذكرا نداماي عند المنذر بن محرق * أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا كهول وفتيان كان وجوههم * دنانير مما شيف في أرض قيصرا تقضي زمان الوصل بيني وبينها * ولم ينقض الشوق الذي كان أكثرا واني لأستشفي برؤية جارها * إذا ما لقائيها علي تعذرا والقى على جيرانها مسحة الهدى * وان لم يكونوا لي قبيلا ومعشرا ترديت ثوب الذل يوم لقيتها * وكان ردائي نخوة وتجبرا حسبنا زمانا كل بيضاء شحمة * ليالي إذ نغزو جذام وحميرا إلى أن لقينا الحي بكر بن وائل * ثمانين ألفا دارعين وحسرا فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه * ببعض أبت عيدانه ان تكسرا سقيناهم كأسا سقونا بمثلها * ولكننا كنا على الموت أصبرا بنفسي وأهلي عصبة أسلمية * يعدون للهيجا عناجيج ضمرا وقالوا لنا أحيوا لنا من قتلتم * لقد جئتم أدمن الامر منكرا ولسنا نرد الروح في جسم ميت * وكنا نسل الروح ممن تيسرا نميت لا ونحيي كذاك صنيعنا * إذا البطل الحامي إلى الموت هجرا ملكنا فلم نكشف قناعا لحرة * ولم نستلب الا الحديد المسمرا ولو اننا شئنا سوى ذاك أصبحت * كرائمهم فينا تباع وتشترى ولكن أحسابا نمتنا إلى العلى * وآباء صدق ان نروم المحقرا وانا لقوم ما نعود خيلنا * إذا ما التقينا ان تحيد وتنفرا وينكر يوم الروع ألوان خيلنا * من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا وليس بمعروف لنا ان نردها * صحاحا ولا مستنكرا ان تعقرا بلغنا السماء مجدنا وجدودنا * وانا لنرجو فوق ذلك مظهرا فقال له النبي ص إلى أين يا أبا ليلى قال فقلت إلى الجنة قال نعم إن شاء الله قال صاحب الاستيعاب وهو من أحسن ما قيل من الشعر في الفخر بالشجاعة سباطة ونقاوة وجزالة وحلاوة قال ولما أنشدته:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له * بوادر تحمي صفوه ان يكدرا ولا خير في جهل إذا لم يكن له * حليم إذا ما أورد الامر أصدرا قال رسول الله ص لا يفضض الله فاك وكان من أحسن الناس ثغرا وكان إذا سقطت له سن نبتت أخرى وقال بعضهم نظرت إليه كان البرد المنهل يتلألأ ويبرق ما سقطت له سن ولا نقلت لقول رسول الله ص أجدت لا يفضض الله فاك. في الدرجات الرفيعة وهذه القصة رويت متسلسلة بالشعراء من رواية دعبل بن علي الشاعر عن أبي نواس عن والبة بن الحباب عن الفرزدق عن الطرماح عن النابغة وهي في كتاب الشعراء لأبي زرعة الرازي. ويقول فيها:
اتيت رسول الله إذا جاء بالهدى * ويتلو كتابا كالمجرة نيرا وجاهدت حتى ما أحس ومن معي * سهيلا إذا ما لاح ثم تمورا