القيس وبكر بن وائل فلقي طلحة والزبير بالزابوقة قرب البصرة فقاتلهم قتالا شديدا فقتل رحمه الله قتله رجل من بني حدان هذه رواية الاستيعاب في قتل حكيم ابن جبلة قال وقد روي أنه لما غدر ابن الزبير بعثمان بن حنيف بعد الصلح الذي كان عقده عثمان مع طلحة والزبير أتاه ابن الزبير ليلا في القصر فقتل نحوا من أربعين رجلا من الحرس على باب القصر وفتح بيت المال وأخذ عثمان بن حنيف فصنع به ما يأتي وذلك قبل قدوم علي البصرة فبلغ ما صنع ابن الزبير بعثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة فخرج في سبعمائة من ربيعة فقاتلهم حتى أخرجهم من القصر ثم كروا عليه فقاتل حتى قطعت رجله ثم قاتل ورجله مقطوعة حتى ضربه سحيم الحداني فقطع عنقه واستدار رأسه في جلدة عنقه حتى سقط وجهه على قفاه. وقال أبو عبيدة قطعت رجل حكيم بن جبلة يوم الجمل فأخذها ثم زحف إلى الذي قطعها فلم يزل يضربها حتى قتله.
وقال:
يا نفس لن تراعي * دعاك خير داعي إن قطعت كراعي * إن معي ذراعي قال أبو عبيدة معمر بن المثنى وليس يعرف في جاهلية ولا إسلام أحد فعل مثل فعله قال أبو عمر هكذا قال أبو عبيدة قطعت رجله يوم الجمل وهذا منه على المقاربة لأنه قتل قبل الجمل بأيام وقد عرض لمعاذ بن عمرو بن الجموح يوم بدر في قطع يده من الساعد قريب من هذا. قال وذكر المدائني عن شيوخه بعدة أسانيد انه لما اخذ عثمان بن حنيف استشاروا عائشة فيه فقالت اقتلوه فقالت لها امرأة نشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان بن حنيف وصحبته لرسول الله ص فقالت احبسوه ولا تقتلوه فقال لهم مجاشع بن مسعود اضربوه وانتفوا شعر لحيته فضربوه أربعين سوطا ونتفوا شعر لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه فلما كانت الليلة التي اخذ فيها عثمان بن حنيف غدا عبد الله بن الزبير إلى الزابوقة ومدينة الرزق وفيها طعام يرزقونه الناس فأراد ان يرزقه أصحابه وبلغ حكيم بن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال لست أخاه ان لم انصره فجاءه في سبعمائة من عبد القيس وبكرين وائل وأكثرهم عبد القيس فاتى ابن الزبير في مدينة الرزق فقال ما لك يا حكيم قال نريد ان نرتزق من هذا الطعام وان تخلوا عثمان بن حنيف فيقيم في دارة الامارة على ما كنتم كتبتم بينكم حتى يقدم علي وأيم الله لو أجد أعوانا عليكم ما رضيت بهذا منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم من إخواننا أ ما تخافون الله بم تستحلون الدماء قالوا بدم عثمان قال والذين قتلتموهم قتلوا عثمان أو حضروا قتله فقال ابن الزبير لا نرزقكم من هذا الطعام ولا نخلي عثمان حتى يخلع عليها فقال حكيم اللهم اشهد اللهم اشهد وقال لأصحابه اني لست في شك من قتال هؤلاء فمن كان في شك فلينصرف فقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدا وضرب رجل ساق حكيم فقطعها فاخذ حكيم الساق فرماه بها فأصاب عنقه فصرعه ووقذه ثم حجل إليه فقتله وقتل يومئذ سبعون رجلا من عبد القيس اه قال ابن الأثير فلما انتهى علي ع إلى الآساد اتاه ما لقي حكيم بن جبلة فقال:
دعا حكيم دعوة الزماع * حل بها منزلة النزاع وأتاه وهو بذي قار الخبر بما لقيت ربيعة وخروج عبد القيس فقال عبد القيس خير ربيعة وفي كل ربيعة خير قال:
يا لهف ما نفسي على ربيعة * ربيعة السامعة المطيعة قد سبقتني فيهم الوقيعة * دعا حكيم دعوة سميعة حلوا بها المنزلة الرفيعة وروى أبو مخنف بسنده عن ابن عباس ان طلحة والزبير أغذا السير بعائشة حتى وصلا حفر أبي موسى الأشعري وهو قريب من البصرة وكتبا إلى عثمان بن حنيف عامل علي على البصرة ان أخل لنا دار الامارة فأرسل إلى الأحنف فأخبره فقال إنهم جاءوك بزوجة رسول الله للطلب بدم عثمان وهم الذين ألبوا على عثمان الناس وسفكوا دمه واراهم والله لا يزايلون حتى يلقوا العداوة بيننا ويسفكوا دماءنا واراهم والله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به ان لم تتأهب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة فإنك اليوم الوالي عليهم وأنت فيهم مطاع فسر إليهم بالناس وبادرهم قبل ان يكونوا معك في دار واحدة فيكون الناس لهم أطوع منهم لك فقال له عثمان الرأي ما رأيت لكنني أكره الشر وان أبدأهم وأرجو العافية والسلامة إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين ورأيه فاعمل به ثم اتاه بعد الأحنف حكيم بن جبلة العبدي من بني عمرو بن وديعة فاقرأه كتاب طلحة والزبير فقال له مثل قول الأحنف فاجابه بمثل جوابه للأحنف فقال له حكيم فائذن لي حتى أسير إليهم بالناس فان دخلوا في طاعة أمير المؤمنين والا نابذتهم على سواء فقال عثمان لو كان ذلك رأيي لسرت إليهم بنفسي قال حكيم اما والله ان دخلوا عليك هذا المصر لينقلن قلوب كثير من الناس إليهم وليزيلنك عن مجلسك هذا، وأنت اعلم، فأبى عليه عثمان وقال أبو مخنف أيضا بعد ما ذكر اختلاف الناس بالبصرة فرقة مع ابن حنيف وفرقة مع عائشة وطلحة والزبير اقبل طلحة والزبير يريدان عثمان بن حنيف فوجدا أصحابه قد اخذوا بأفواه السكك فاستقبلهم أصحاب ابن حنيف فشجرهم طلحة والزبير وأصحابهما بالرماح فحمل عليهم حكيم بن جبلة فلم يزل هو وأصحابه يقاتلونهم حتى أخرجوهم من جميع السكك ورماهم النساء من فوق البيوت بالحجارة ثم تحاجزوا واصطلحوا على أن لعثمان بن حنيف دار الامارة والرحبة والمسجد وبيت المال والمنبر وان لطلحة والزبير ومن معهما ان ينزلوا حيث شاؤوا من البصرة ثم إن طلحة والزبير خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر ومعهما أصحابهما إلى المسجد وقت صلاة الفجر وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه وأقيمت الصلاة فتقدم عثمان ليصلي بهم فأخره أصحاب طلحة والزبير وقدموا الزبير فجاء جماعة فاخروا الزبير وقدموا عثمان فغلبهم الآخرون فقدموا الزبير وأخروا عثمان حتى كادت الشمس تطلع فغلب الزبير فصلى بالناس فلما فرع صاح بأصحابه خذوا عثمان بن حنيف فأخذوه وضربوه ضرب الموت ونتفوا حاجبيه وأشفار عينيه وكل شعرة في رأسه ووجهه فلما بلغ حكيم بن جبلة ما صنعوا بعثمان بن حنيف خرج في ثلاثمائة من عبد القيس مخالفا لهم ومنابذا فخرجوا إليه وحملوا عائشة على جمل فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر ويوم علي يوم الجمل الأكبر وتجالد الفريقان بالسيوف فشد رجل من الأزد من عسكر عائشة على حكيم بن جبلة فضرب رجله فقطعها ووقع الأزدي عن فرسه فجثا حكيم فاخذ رجله فرمى بها الأزدي فصرعه ثم دب إليه فقتله متكئا عليه خانقا حتى زهقت نفسه فمر بحكيم انسان وهو يجود