كان له أصل مال الذي ستعرف عدم الفرق بينه وبين المقام، ولا فيمن ادعى الكتابة أو الغرم كما ستعرف في سهم الرقاب والغارمين، إذ من المعلوم كون الجميع من واد واحد عند المعظم، بل مقتضاه جواز الدفع من دون دعوى - قد يناقش فيه بمعلومية انقطاع الأصل، للقطع بحصول مال له في الجملة فيما مضى من الأزمنة، وفرض موضوع لم يحصل فيه القطع غير مجد، إذ هو في غاية الندرة، نعم قد يقال: إن القطع بحصول مال له في الجملة لا ينافي استصحاب حال عدم الغنى له، إذ حصول مال له أعم من حصول صفة الغنى له به، لكن قد يدفع بأن المال المقطوع بحصوله له يمكن حصول وصف الغنى به، ويمكن أن لا يكون كذلك، وإثبات صفته بالأصل كما ترى، وعلى كل حال فالاستدلال بالأصل لا يتم في جميع أفراد البحث كما هو واضح.
ومن هنا استدل عليه بعضهم بما حاصله أن الأصل قبول كل دعوى للمسلم مع عدم المعارض له فيها، ونصوص البينة (1) بقرينة قوله (عليه السلام) فيها: " واليمين على من أنكر " ظاهرة في الدعوى المقابلة بالانكار لا مطلقا، وفي خبر منصور بن حازم (2) عن الصادق (عليه السلام) " قلت له: عشرة كانوا جلوسا وفي وسطهم كيس وفيه ألف دينار فسأل بعضهم بعضا ألكم هذا الكيس؟ فقالوا كلهم: لا، وقال واحد: هو لي، فلمن هو؟ فقال: هو الذي ادعاه " إشعار به في الجملة، بل قد يقال:
إن الزكاة بعد أن أوجبها الشارع وملكها الفقراء صارت كالمال المطروح، فمن ادعى أنه من أهلها أخذ منها، وفي الحدائق يستفاد من هذا الخبر أن كل من ادعى ما لا يد عليه قضي له به، وبذلك صرح الأصحاب من غير خلاف ينقل، ثم حكى عن الشهيد الثاني