وعلى كل حال فمقتضى إطلاق النص والفتوى ومعقد الاجماع عدم اشتراط ملك الصاع أو مقدار الفطرة زيادة على ملك مؤونة السنة فعلا أو قوة في وجوب الفطرة، لاطلاق الأدلة، خلافا لما سمعته من الدروس من اعتبار زيادة الصاع في الغني قوة، ونحوه في البيان، لكن اعتبار زيادة قدر الفطرة كالمنتهى، إلا أنه ظاهر في اعتبار ذلك في الغني فعلا أو قوة، وكذا التحرير، مع احتمالهما الاختصاص بالأخير، وكذا التذكرة إلا أنه اعتبر زيادة الصاع نحو ما في الدروس ومحكي المعتبر، ولم نقف لهم جميعا على حجة معتبرة، نعم ربما وجه ذلك بأن الزكاة مواساة، فتجب حيث لا تؤدي إلى الفقر، فلو وجبت على من لا يملك الزيادة لا نقلب فقيرا، وهو كما ترى.
وأما التفصيل بين الغني قوة وفعلا فإن كان المراد أنه يشترط أن يزيد فيما يكتسبه طول السنة على مؤونة سنته صاع أو مقدار الزكاة فلا أجد له وجها، وإن كان المراد أنه يجب أن يكون بيده في يوم الفطر زيادة على مؤونته ليومه ذلك فلعل وجهه حينئذ أنه لو لم يكن ذلك احتاج في أداء الفطرة إلى الافتراض ونحوه، والأصل عدم وجوبه عليه، بخلاف الغني فعلا فإن عنده ما يؤديه فطرة، وإلا لم يكن غنيا فعلا، ولا يخفى عليك عدم صلاحية مثل ذلك مقيدا للاطلاقات أو مخصصا للعمومات، فلا ريب حينئذ في أن الأقوى عدم الاشتراط مطلقا، والله أعلم.
(و) كيف كان فلا ريب في أنه (يستحب للفقير إخراجها) أي الفطرة عن نفسه وعياله، بل الاجماع بقسميه عليه، وقد عرفت أن خلاف الإسكافي غير قادح، كما أنه قد عرفت ما يدل عليه من النصوص (و) المراد هنا بيان أن (أقل) ما يتأدى به (ذلك) الاستحباب للمحتاج (أن يدير صاعا على عياله ثم يتصدق به) لموثق إسحاق بن عمار (1) " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الرجل لا يكون عنده شئ