القول الآخر، والمتجه عليه اعتبار عدم المستحق وعدم التمكن من غيره من المصارف حتى سهم سبيل الله الذي عرفت سعته، وحينئذ يندر فرضه ندرة لا تليق بتنزيل النصوص عليها، اللهم إلا أن يدعى الاكتفاء في جوازه بمجرد عدم وجود المستحق وإن تمكن من باقي المصارف، واستنادا إلى ظاهر بعض النصوص (1) وإلى كونه المعظم في المصرف، بل ربما قيل: إن الزكاة لهم كما تقضي به نصوص المشروعية (2) وإن جاز صرفها في باقي المصارف، وربما يؤيد ذلك استفاضة عبارات الأصحاب في الاقتصار على اعتبار عدم المستحق خاصة في العزل وفي الضمان وفي النقل وغير ذلك، لكن الانصاف عدم خلوه عن البحث والنظر، ولم أجد من تصدى لتحريره، والله أعلم.
(و) كيف كان ف (- لو أدركته الوفاة أوصى بها وجوبا) على وجه تثبت به شرعا كغيرها من الأمانات والديون بلا خلاف أجده، بل في المدارك لا ريب فيه، لتوقف الواجب عليه، ولعموم الأمر بالوصية، ولكونه كالخائن والمفرط بدون ذلك، بل أوجب الشهيد في الدروس العزل مع ذلك، ولعله لكونها كالدين الذي قد غاب صاحبه غيبة منقطعة، وقد استوفينا الكلام على ذلك في محله، فلاحظ وتأمل فإن له نفعا في المقام، ولو كان الورثة محاويج جاز احتسابها عليهم وإن كانوا ممن تجب نفقتهم على المورث، لانقطاع الوجوب عنه بالموت، إلا أنه يستحب دفع شئ منها لغيرهم، قال علي بن يقطين (3) في الصحيح: " قلت لأبي الحسن الأول (عليه السلام): رجل مات وعليه زكاة وأوصى أن يقضى عنه الزكاة وولده محاويج إن دفعوها أضر بهم ذلك ضررا شديدا فقال: يخرجونها فيعودوا بها على أنفسهم، ويخرجون منها شيئا فيدفع