والدين ونحوهما مما يجب أداؤها بالمطالبة المتحققة هنا من المستحق بشهادة الحال، بل لا ريب في كونها من الأمانات الشرعية التي يجب إيصالها إلى صاحبها وإن لم يطلب، وإنما جواز التأخير مشروط بالإذن فعدمها حينئذ كاف في وجوب الدفع فورا لا أن الطلب شرط، مع أنك قد عرفت تحققه، بل عن فخر الاسلام تحققه بطريق آخر، وهو أن طلب الولي يقوم مقام طلب المولى عليه، ولا ريب في كون الله تعالى وليا لقوله (1): " إنما وليكم الله ورسوله " إلى آخره. وقد طلبها بقوله (2): " آتوا الزكاة " فيجب الفور في الدفع.
لكن الجميع كما ترى لا يصلح معارضا للأدلة الخاصة، بل الأخير منها واضح الفساد، لمعلومية عدم كون المراد من قوله تعالى طلب دفع من حيث الولاية، بل المراد منه طلب إيجاب للزكاة في المال، فلا محيص حينئذ عن العمل بالنصوص السابقة، وحمل الخبرين المزبورين على استحباب التعجيل وكراهة التأخير لا لغرض، أما التأخير مع العزل أو التماس المواضع أو لمعتاد السؤال أو شهر أو شهرين وثلاثة اقتراحا فلا بأس به عملا بالنصوص السابقة التي لا وجه للاقتصار على رواية العزل منها، وتقييد الخبرين بها، خصوصا بعد ظهورها بقرينة ما فيها من الكتابة والاثبات في عدم اعتبار العزل، وأنه غير لازم، كما أنه لم نعثر على ما يدل على جواز التأخير للتعميم خاصة، فتأمل جيدا، والله أعلم.
(و) كيف كان فقد عرفت مما تقدم لنا في الأبحاث السابقة أنه (يضمن لو تلفت) مع التأخير لغير عذر وإن قلنا بجوازه للنصوص الخاصة التي قدمناها الصريحة في الضمان، فلاحظ وتدبر.