وإنما صرنا إلى هذا التقييد لأن الزكاة إنما شرعت بحسب الظاهر لدفع الحاجة، فلا تدفع مع الاستغناء عنها، ومع ذلك فاعتباره محل تردد " قلت: هو في محله، بل الأقوى عدم اعتباره، لاطلاق الأدلة، وحكمة المشروعية لا تصلح للتقييد، وإلا لاقتضت الصرف في خصوص سد الخلة، وما ورد من أنها لا تحل الصدقة لغني محمول على ما لا ينافي ذلك من إرادة الصدقة عليه على نحو الصدقة على الفقير، بل هو الظاهر منه، وحينئذ لا تكون الصدقة عليه من القرب التي هي سبيل الله، كما هو واضح.
(و) مما يؤيد ذلك اتفاقهم ظاهرا على أن (الغازي يعطى وإن كان غنيا قدر كفايته على حسب حاله) شرفا وضعة وقرب المسافة وبعدها وغير ذلك، بل في المدارك أن هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب، إذ العمدة فيه العموم المزبور، لأن النبوي (1) " لا تحل الصدقة لغني إلا لثلاثة - وعد منها - الغازي " قد عرفت عدم وجوده في شئ من أصولنا، وكون ما يأخذه من الزكاة كالأجرة على الغزو فلا يعتبر في إعطائه وصف آخر تعليل اعتباري لا يصلح أن يكون مدركا.
(و) كيف كان فلا خلاف في أنه (إذا غزا لم يرتجع) ما بقي (منه) عنده، بل في التذكرة أنه موضع وفاق بين العلماء، لأنه ملكه بالقبض، وكونه كالإجارة له على عمله، أو كالنفقة التي لا ريب في ملك ذيها ما بفضل منها بما يضيق على نفسه، فلا يسترد (و) هو واضح، نعم (إن لم يغز) أو رجع من الطريق (استعيد) لأنه إنما ملكه ليصرفه في الوجه المخصوص ولم يحصل (وإذا كان الإمام (عليه السلام) غير مبسوط اليد على وجه لا يقع منه الجهاد أو كان (مفقودا) أي غائبا مسترا (سقط نصيب الجهاد) بناء على أنه سبيل الله، وحينئذ يحفظ بناء على التوزيع إلى حصول مصرفه (و) لا (يصرف في المصالح) نعم بناء على أن سبيل الله كل قربة لا يسقط