الوجوب في المدفون الذي لم يحصل اختباره إلا بعد سنين فجهل موضعه ثم وجده بعد ذلك، لا صالة تأخر الحادث، وهو الجهل، فيبقى على استصحاب التمكن إلى آن الجهل، وكذا إذا لم يجده أصلا، اللهم إلا أن يقال إن الأصل لا يصلح لتنقيح الشرط الذي هو صدق كون المال عنده وفي يده في هذه المدة، إذ يمكن تقدم التلف، فيكفي حصول الشك في الشرط في سقوط المشروط، وأصالة تأخر الحادث لا يقتضي حصول تلك الصفة عرفا، على أن أصالة براءة الذمة وعدم تعلق الزكاة بالمال تقتضيان العدم، بل هما محصلان للمطلوب بلا واسطة بخلاف أصل تأخر الحادث، ولعله لذا أطلق الأصحاب استحباب التزكية لسنته من غير إشارة من أحد منهم إلى شئ مما ذكرنا، فلاحظ وتأمل، والله أعلم.
المسألة (السادسة إذا ترك نفقة لأهله) تبلغ قدر النصاب فما زاد بحيث لا يعلم زيادتها عن قدر الحاجة (فهي معرضة للاتلاف) بالانفاق، والمشهور شهرة عظيمة أنها (تسقط الزكاة عنها مع غيبة المالك، وتجب لو كان حاضرا، وقيل) والقائل ابن إدريس: (تجب فيها على التقديرين، والأول) مع أنه مشهور (مروي) في الموثق (1) عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) " قلت له: رجل خلف عند أهله نفقة الفين لسنتين عليها زكاة قال: إن كان شاهدا فعليه زكاة، وإن كان غائبا فليس عليه زكاة " وخبر أبي بصير (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قلت له: الرجل يخلف لأهله نفقة ثلاثة آلاف درهم نفقة سنتين عليه زكاة قال: إن كان شاهدا فعليها زكاة، وإن كان غائبا فليس فيها شئ " ومرسل ابن أبي عمير (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) أيضا " عن رجل وضع لعياله ألف درهم نفقة فحال عليها الحول قال: إن كان مقيما زكاه، وإن كان غائبا لم بزك " إلا أن ابن إدريس على أصله من عدم العمل بأخبار الآحاد لم يفرق بينها