كلا أو بعضا كان فقيرا وإن ملك قوت سنته، وهو المراد من اشتراط عدم التمكن من القضاء، ولعل إلى ذلك لمح الفاضل بما في المحكي من نهايته من جواز إعطاء الغارم المتمكن من قضاء دينه من الزكاة إذا كان بحيث لو صرف ما عنده في دينه صار فقيرا معللا له بانتفاء الفائدة في أن يدفع ماله ثم يأخذ الزكاة باعتبار الفقر، وإن كان في التعليل بل والعبارة ما لا يخفى، بل الأولى تعليله بأنه في الفرض فقير، لقصور ما عنده عن مؤونة السنة التي منها وفاء الدين، ومقابلة الغارمين في الآية للفقراء يمكن أن يكون لبيان كون الغرم مصرفا من مصارف الزكاة وإن لم يصدق على الغارم أنه فقير كالميت ونحوه، فالغرض تعداد المصارف، ويكفي هذا الاعتبار في المقابلة، ولا ريب أن ذلك أولى من دعوى كون الفقير والغارم قسمين متقابلين بمعنى أنه قد يكون الغارم غنيا إذا كان مالكا لمؤونة سنته ولم يكن عنده ما يقابل دينه، ضرورة أنه مع منافاته لما عرفت يحتاج إلى ترجيح ما دل على جواز وفاء الغرم من الزكاة على ما دل على أنها لا تحل للغني فتأمل جيدا فإن به يظهر لك ما في كلام جملة من الأعلام، وقد تقدم، وربما يأتي مزيد تحقيق لذلك، كما أنه به يظهر لك ثمرات مهمة في المقام وغيره.
وعلى كل حال فلو لم يملك شيئا إلا أنه كسوب يتمكن من قضاء دينه من كسبه فعن نهاية الإحكام احتمال الاعطاء بخلاف الفقير والمسكين، لأن حاجتهما تتحقق يوما فيوما، والكسوب يحصل في كل يوم ما يكفيه، وحاجة الغارم حاصلة في الحال لثبوت الدين في ذمته، وإنما يقدر على اكتساب ما يقضي به الدين بالتدريج، واحتمال المنع تنزيلا للقدرة على الكسب منزلة القدرة على المال.
ثم إن صريح المتن حيث قال: (فلو كان في معصية لم يقض عنه) كصريح غيره اعتبار عدم كون الدين في معصية، بل لا أجد فيه خلافا، بل عن الخلاف والمنتهى والتذكرة الاجماع على منع الاعطاء من سهم الغارمين في الدين المنفق في معصية، ويدل