لأنه هو الذي أتلف ما به الوقاية، لما عرفت من عدم اقتضاء خطاب الزكاة بناء على الذمة رفعها، لعدم المنافاة بينهما، وليس ذا من تعقب الإذن الشرعية الضمان، بل لاقدامه عليه، لامكان تخلصه منه بفسخ المضاربة حال تعلق الزكاة تحصيلا لاستقرار ملكه بل قد يظهر من الفاضل في القواعد أنه لا منافاة بين الوقاية واستحقاق الفقراء على كل حال، قال بعد نقل القولين: " والأقرب عدم المنافاة بين الاستحقاق والوقاية، فيضمن العامل الزكاة لو تم بها المال " لكن رده في الدروس بأنه قول محدث، مع أن فيه تغريرا بمال المالك إذا أعسر العامل، وأجيب عنه بأن إمكان الاعسار أو ثبوته بالقوة لا يزيل حق الاخراج الثابت بالفعل، وكان المجيب أخذ ذلك من فخر المحققين فإنه قال في المحكي من شرحه: " والتحقيق أن النزاع في تعجيل الاخراج بغير إذن المالك بعد تسليم ثبوت الزكاة ليس بموجه، لأن إمكان ضرر المالك بامكان الخسران وإعساره لا يعارض استحقاق الفقراء بالفعل، لأن إمكان أحد المتنافيين لو نفى ثبوت الآخر فعلا لما تحقق شئ من الممكنات، ولأن الزكاة حق لله والآدمي، فكيف يمنع مع وجود سببه بامكان حق الآدمي، بل لو قيل: إن حصة العامل قبل أن ينض المال لا زكاة فيها لعدم تمام الملك وإلا لملك ربحه كان قويا " وفي المدارك " إن قوته ظاهرة ".
قلت: قد عرفت ما فيه سابقا، بل كلامه الأول غير منقح، لعدم معلومية كونه مبنيا على كون الزكاة في العين أو الذمة، وعدم معلومية غرامة العامل بعد ذلك لو احتاج المال، كعدم معلومية الخروج من نفس مال المضاربة أو غيرها، بل كلام الفاضل في القواعد غير منقح أيضا، ولذا قال في جامع المقاصد: " إنه مشكل، لأن الاستحقاق إذا أخرجه عن الوقاية كان ذلك فرع التنافي، وثبوت التالف في ذمة العامل لا يخرجه عن المنافاة بينهما، وإلا لاجتمعا في المال، إذ كل متنافيين لا يمتنع فيهما الوجود