المسكنة بمعنى الذلة، فحيث يستعمل في غير الغني يراد منه تمام مصداق الفقير، كما يومي إلى ذلك إطلاقه في الخمس والكفارة وغيرهما، فإن من لاحظ أخبار الخمس مع التأمل الصادق علم إرادة الفقير من المسكين على وجه لا يخص الخمس، بل إنما هو من حيث ذل الفقر، وكفى به ذلا، فهو متحد المصداق حينئذ مع الفقير حال استعماله في هذا المعنى، وقد يستعمل في معنى آخر للذل من جهة أخرى تجامع الغنى والثروة، لكن لا مدخلية له في مقامنا، وقد ظهر من ذلك وجه اندراج كل منهما في الآخر حال الانفراد، وأنه ليس للترادف المصطلح، بل للاتحاد في المصداق وإن تغاير بالمفهوم، أما مع الاجتماع فوجود لفظ الفقير قرينة صارفة عن عدم إرادة مصداقه من لفظ المسكين لأصالة التأسيس بالنسبة إلى التأكيد، ولما عرفته حينئذ من نص الأكثر على التغاير، والأصل بقاء لفظ الفقير على حقيقته، فليس حينئذ بعد كون المراد من المسكين ذا الذلة من حيث عدم الغنى إلا أن يراد من المسكين ذلة خاصة تنطبق على بعض أفراد الفقير، وهي إظهار شدة الحاجة بالسؤال ونحوه، كما أو ماء إليه العالم (عليه السلام) فيما أرسله عنه في المحكي من تفسير علي بن إبراهيم (1) فقال: " الفقراء هم الذين لا يسألون لقول الله تعالى - في سورة البقرة (2) - " للفقراء الذين أحصروا في سبيل " إلى آخره، والمساكين هم أهل الديانات قد دخل فيهم النساء والصبيان " مراده (عليه السلام) بالديانات المذلات، فإن الدين الذل، والصادق (عليه السلام) في خبر أبي بصير أو حسنه (3) قال: " قلت له: قول الله تعالى (4): " إنما الصدقات للفقراء والمساكين "
(٢٩٩)