ولم نعرف موافقا له ممن تقدمه أو تأخر عنه إلى زمن يحيى بن سعيد ثم منه إلى زمن ثاني الشهيدين، فعن فوائده على القواعد صريحا وغيرها ظاهرا أنه قال به، نعم مال إليه بعض متأخري المتأخرين كصاحبي المدارك والمفاتيح، وربما آذنت به عبارة اللمعة، فمن الغريب دعوى الثاني الاجماع عليه، وأما الشيخ فإنما نسبه إلى جميع الفقهاء إلا عطاء والظاهر إرادته العامة، وربما توهم بعض فنسب إلى الشيخ دعوى الاجماع، بل ولعل ضعف دليله أيضا، إذ هو ليس إلا إطلاق ما دل على العشر ونصفه الذي يجب الخروج عنه ببعض ما ذكرنا، ولا أقل من الشك في شموله لما قابل المؤونة، فيبقى الأصل سالما وحسن أبي بصير ومحمد بن مسلم (1) عن أبي جعفر (عليه السلام) أنهما قالا له: " هذه الأرض بزارع أهلها ما ترى فيها؟ فقال: كل أرض دفعها إليك السلطان فتاجرته فيها فعليك فيما أخرج الله منها الذي قاطعك عليه، وليس على جميع ما أخرج الله منها العشر إنما العشر عليك فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك " وهو أيضا مخصص أو مقيد بما عرفت، على أن الحصر فيه بالنسبة إلى خصوص الحصة، بل قد يقال: إن مقاسمته له تكون بعد المؤن الحاصلة على الزرع، ومن هنا حكي عن الاستبصار وغيره أنه جعله دليلا للمشهور، فما في المدارك من أنه كالصريح في المطلوب واضح الضعف، ودعوى أن الشيعة كانوا يخرجون المؤن من أنفسهم كي تزبد حصة السلطان طمعا فيه أو خوفا منه لم نتحققها، بل ربما قيل: إن المتحقق خلافها، وخبر علي بن شجاع (2) سأل أبا الحسن الثالث (عليه السلام) " عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر مما يزكى فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا وبقي في يده ستون كرا ما الذي يجب ذلك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شئ؟ فوقع لي
(٢٣١)