خلافا لجماعة من الأصحاب منهم صاحب المدارك (1) فأوجبوا العلم.
لأصالة عدم جواز العمل بالظن إلا مع دليل، ولا دليل يعتمد عليه هنا.
ولأن المناط في جواز التصرف في ملك الغير الإذن، ولا يعلم حصوله بمجرد ظنه.
ويضعف الأول: بأنه إنما يفيد في مقام كان الأصل فيه العدم، وليس هنا كذلك، إذ لم تثبت حرمة التصرف إلا مع العلم بعدم الرضا أو احتماله.
والثاني: بمنع كون المناط ذلك، بل القدر الثابت أنه ما مر من العلم أو الظن بالإذن.
وإذ قد عرفت اشتراط كون مكان الصلاة مباحا أو مأذونا فيه علما أو ظنا، يظهر عدم جواز الصلاة في المكان المغصوب لا للغاصب ولا لغيره لعدم حصول الظن برضا المالك بالتصرف فيه.
أما للغاصب: فظاهر.
وأما لغيره: فلأن في منعه عن أنواع التصرفات تضيقا على الغاصب وانتقاما منه قطعا، ومعه يحتمل قويا بل يظن غالبا، بل يعلم أحيانا عدم رضا المالك بتصرفه فيه، فيكون محرما.
فتبطل معه الصلاة، لما مر من قاعدة عدم اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد ولو من جهتين، التي هي قاعدة بديهية مجمع عليها بين الشيعة (والمعتزلة (2) كما ذكرناها مفصلا في كتبنا الأصولية، وإن تكلم فيها بعض متأخري المتأخرين من أصحابنا (3) تبعا للأشاعرة بما لا يصلح صدوره عمن له نظر في المعقول، وإنما هو شأن من ليست له قوة التجاوز عن المحسوس والمسموع.