فلعلها تعبد على حدة.
وأما مرسلة الفقيه: قلت: أين حد القبلة؟ قال: (ما بين المشرق والمغرب قبلة كله) (1) وصحيحة ابن عمار: الرجل يقوم في الصلاة، ثم ينظر بعدما فرغ، فيرى أنه قد انحرف من القبلة يمينا وشمالا، قال: (قد مضت صلاته، وما بين المشرق والمغرب قبلة) (2) فهما غير مكافئين لما مر، لعدم قائل بمضمونهما في حق العالم والمتمكن عن الاجتهاد، مع معارضتهما لموثقة عمار، المتقدمة في المسألة السابقة (3).
مع أنه لا يمكن أن يكون المراد منهما أن ما بين المشرق والمغرب جنوبا وشمالا، لأن معناه انتفاء القبلة رأسا، وهو مخالف لضرورة الدين.
بل المراد إما أنه من أحد الطرفين قبلة للمصلي في الطرف الآخر. وهو أيضا لا يمكن إبقاؤه على الإطلاق، لعدم قائل به كذلك، فإن صلاة من تنحرف قبلته عن الجنوب بقليل - كالعراقي - إلى قريب المغرب غير جائز قطعا، ومخالف لطريقة المسلمين، بل هو مناف لضروري الدين.
أو المراد إن كل جزء منه قبلة للمجتهد، بمعنى أن كل جزء أدى إليه ظنه قبلة له. أو أن كل جز منه قبلة لغير المتمكن من الاجتهاد، حيث إنه يصلي على أي جانب شاء.
وكل من هذين المعنيين أولى من الأول، لما فيه من أقلية التخصيص. غاية الأمر التساوي، فلا تثبت المنافاة لما ذكرنا.
مضافا إلى أنه يمكن أن يكون المراد من الأولى عدم إمكان تحديد القبلة