وانما الفرق في دلالة المفاعلة على انتساب المادة إلى أحدهما بالأصالة وإلى الاخر بالتبعية، ودلالة التفاعل على انتساب المبدأ إليهما بالأصالة. إذ فيه: أن نجم الأئمة الذي هو أسطوانة علم الصرف أنكر هذا في شرح الشافية وادعى وحدة مدلولي البابين، قال: (ثم اعلم أنه لا فرق من حيث المعنى بين فاعل وتفاعل في إفادة كون الشئ بين اثنين فصاعدا، وليس كما يتوهم من أن المرفوع في باب - فاعل - هو السابق بالشروع في أصل الفعل على المنصوب، خلاف باب تفاعل، ألا ترى إلى قول الحسن بن علي عليهما السلام لبعض من خاصمه:
سفيه لم يجد مسافها، فإنه سمى المقابل له في السفاهة مسافها وان كانت سفاهته لو وجدت بعد سفاهة الأول).
ومنها: ما أورده من المحذور على دلالة بابي التفاعل والمفاعلة على نسبتين من أن الهيئة موضوعة بإزاء نسبة خاصة قائمة بطرفين. إذ يتوجه عليه: أنه لا محذور في دلالة الهيئة الواحدة على نسبتين لا من ناحية الوضع الذي هو الجعل الاعتباري بمعنى جعل اللفظ علامة للدلالة على المعنى المستلزم لاختصاصه به، ولا من ناحية الاستعمال الذي حقيقته إيجاد المعنى باللفظ، فلزيد أنحاء من الوجود الخارجي والذهني ومنها وجوده الجعلي المتحقق بالتلفظ به.
أما عدم المحذور من جهة الوضع، فلجواز جعل لفظ المفاعلة والتفاعل علامة على معنيين اسميين، وهما صدور المبدأ من كل منهما. وأما عدمه من ناحية الاستعمال فلان الممتنع على هذا المبنى إيجاد المعنيين بوجود لفظي واحد، لاتحاد الايجاد والوجود حقيقة وتغايرهما اعتبارا.
وأما إذا لوحظ المعنيان معا واستعمل اللفظ فيهما بنحو المعية لم يترتب عليه محال، لعدم استعمال اللفظ في كل من النسبتين الصادرتين من طرفين بالاستقلال كما هو الحال في المشترك اللفظي مثل العين المستعملة تارة في العين الجارية