ولكن هذه التفرقة غير معقولة، فلا اشتراك في انتساب المادة إلى اثنين في شئ من البابين. أما في التفاعل، فلان هذه الهيئة موضوعة بإزاء نسبة خاصة من النسب وهي الاختلاط في المبدأ، ولا تتكفل لإفادة نسبتين إلى فاعلين، حيث إن الهيئات موضوعة بوضع المعاني الحرفية، وانما المدلول نسبة خاصة قائمة بطرفين، فمفاد هيئة (التضارب) ما يعبر عنه بالفارسية بقولهم: (بهم زدن) وهي نسبة متقومة بطرفين، وليس مدلول (تضارب زيد وعمرو) نسبة ضرب كل منهما للاخر حتى تعدد النسبة، وانما لوحظ ضرب كل منهما الاخر نسبة واحدة على نهج إضافة مادة واحدة إلى طرفين.
وأما في المفاعلة، فلان مفاد هيئة (ضارب زيد عمرا) هذه النسبة الوحدانية ذات الطرفين، فهي متحدة مع مدلول هيئة التفاعل لا غيرها، وعليه فلا مشاركة في شئ من البابين.
وأما التفرقة بينهما بالأصالة والتبعية في باب المفاعلة، فان أريد التبعية في مقام الثبوت فممنوعة، لتوقفها على تعدد النسبة حتى يكون انتساب المادة إلى أحدهما تابعا لانتسابها إلى الاخر، وقد عرفت استحالة تعدد النسبة، لان الهيئات موضوعة بوضع الحروف. و ان أريد التبعية في مقام الاثبات كتبعية المدلول الالتزامي للمطابقي، فهي وان كانت صحيحة، لكنها فرع التبعية في مقام الثبوت المفروض استحالتها.
والصحيح وجود الفرق الأساسي بين بابي التفاعل والمفاعلة، لكون مفاد الأول النسبة الوحدانية المتقومة بطرفين، ومفاد الثاني تعدية المادة وإنهاؤها إلى الغير، وتوضيحه: أن الفعل الثلاثي المجرد إما أن يكون لازما كجلس، أو متعديا وهو تارة يتعدى بنفسه لا إلى شخص آخر، بل إلى شئ آخر مثل (كتب الحديث) وأخرى يتعدى بنفسه إلى شخص آخر مثل (خدعه). وتعدي الأول والثاني إلى