لانتقاض المدعى به، فان دلالة المفاعلة على المشاركة في المادة منوطة بصوغها من الثلاثي المجرد الذي يتحد معناه مع ما اشتق منه سوى أن صوغها من باب المفاعلة يوجب ظهورها في الاشتراك، وأما ما كان ثلاثية والمزيد فيه بمعنيين لبا فلم يدل باب المفاعلة منه على الاشتراك، قال نجم الأئمة (ره) في شرح الشافية في بيان معنى المفاعلة: (أقول: لنسبة أصله - أي لنسبة المشتق منه فاعل - إلى أحد الامرين أي الشيئين) وعليه فإذا كان الفعل الثلاثي بمعنى والمزيد فيه من باب المفاعلة بمعنى آخر لم يدل على الاشتراك حتى ينتقض القول المشهور به، فمثل (ناديناه، باشر نافق، ساعد) خارج عما هو الأصل في هيئة المفاعلة موضوعا.
أما الأول أعني (ناديناه) فلان (ندا الرجل بمعنى اعتزل) وهو أجنبي عن (نادى) الذي هو بمعنى صاح. وأما الثاني فلان (سعد) بمعنى (يمن) وهو أجنبي عن (أعان) الذي هو مدلول الفعل من هذا الباب. وأما الثالث فلان (نفق) بمعنى (خرج) ولا ربط له بستر الكفر بالقلب وإظهار الايمان باللسان الذي هو معنى (نافق). وأما الرابع فلان (بشر) بمعنى (اهتم بالامر وتولاه) وهذا المعنى في نفسه غير قابل لصدوره من شخصين بنحو يصدر من كل منهما ويقع على الاخر، فلا بد أن يراد بالفعل المصوغ من باب المفاعلة المبالغة فيه كما يقال في (سافرت وناولته الشئ) فإنهما للمبالغة في الخروج إلى السفر وإعطاء الشئ لغيره، أو بمعنى ثلاثية المجرد، وهكذا حال بعض الأمثلة الأخرى كما لعله سيأتي التعرض له.
وثانيا: أن الأمثلة المذكورة لم تبلغ حدا تنافي ما هو المشهور من وضع المفاعلة للاشتراك، إذ هذه الأفعال الخارجة عن الأصل بالقياس إلى ما بقي منها كالقطرة من البحر.
ومنها: ما نسبه إلى المشهور من دعواهم وحدة معنى بابي المفاعلة والتفاعل،