الشخص يتوقف على الاستعانة بحرف الجر مثل (جلس إليه وكتب إليه الحديث) والمدلول المطابقي لباب المفاعلة هو إنهاء المادة إلى الغير بنفسه بدلا عن حرف الجر المستعمل مع الثلاثي المجرد، فمفاد (جالسته وكاتبته) هو معنى (جلس إليه وكتب إليه).
وأما المتعدي بنفسه مثل (خدعه) فصوغه من باب المفاعلة يدل على التصدي لانهاء الخديعة إليه، والفعل وان كان متعديا بنفسه إلى الاخر مثل (ضرب زيد عمرا) الا أن هذا التعدي ذاتي مفاد الفعل، بخلاف (خادع وضارب) فان حيثية الانهاء إلى الغير ملحوظة في مقام إفادة النسبة، فإذا صدر منه ضرب واقع على عمرو صدق عليه (أنه ضربه) ولا يصدق (أنه ضاربه) الا إذا تصدى لضربه، ولذا لما أبي سمرة عن الاستئذان قال صلى الله عليه وآله: (انك رجل مضار) أي متصد لا ضرار الأنصاري، لا مجرد كون دخولك ضررا عليه، وليس (لا ضرار) للتأكيد ولا لغيره، بل لنفي التصدي للاضرار.
هذا ما حققه الشيخ المدقق الأصفهاني (قده) حول مدلول باب المفاعلة كبرويا، وتطبيقه على (الضرار) وقد أفاد مثل هذه البيانات في حاشيته على المكاسب، غير أنه جعل فيها مدلول المفاعلة المطابقي التعمد والتقصد بالمادة، ولعل مقصوده منه هو التصدي بإيصال المادة إلى الغير الذي ذكره في تعليقته الأنيقة على الكفاية.
وعلى كل فليس مفاد شئ منهما أن مدلول باب المفاعلة قيام الفاعل مقام إيجاد المادة بدون تحققها خارجا كما نسب إليه في كلمات بعض أجلة تلامذته، لتصريحه (قده) بأن مدلول هذه الصيغة إيجاد المادة عن قصد، لا مجرد إرادة إيجادها.
وكيف كان ففي كلامه (قده) مواقع للنظر، منها: استشهاده على عدم دلالة المفاعلة على المشاركة بعدة من الأمثلة، إذ يتوجه عليه أولا:
أن بعض الأمثلة لا يصلح