منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٣٢
أن يكون ملتفتا إليه قبل الاستعمال أصلا، لتوقف الالتفات إليه على تصوره في الذهن والمفروض أنه لا وجود له في غير موطن الاستعمال، فكيف يمكن تصوره قبل الاستعمال؟ ويترتب على عدم وجوده قبل الاستعمال امتناع الاطلاق والتقييد اللحاظيين فيه، هذا.
ثم استدل المحقق النائيني (قده) على القول بالايجادية على ما يستفاد من كلمات مقرري بحثه الشريف بوجوه ثلاثة:
(الأول): الخبر الذي رواه أبو الأسود الدؤلي عن مولانا أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين، قال: (قال عليه السلام: الاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أوجد معنى في غيره) تقريب الاستدلال به: أن في العدول عن الانباء في الحرف إلى الايجاد دلالة على عدم تقرر لمعنى الحرف في غير وعاء الاستعمال حتى يدل عليه الحرف ويحكي عنه كحكاية أخويه عن معنييهما، بل الحرف آلة لايجاد معناه، هذا.
(الثاني): أن حرف النداء في مثل (يا زيد) لا يمكن أن يكون حاكيا عن النسبة الندائية المتقررة في غير موطن الاستعمال، إذ لا نداء ولا منادي ولا منادى قبل الاستعمال، بل هذه العناوين توجد بنفس الاستعمال، فلا وجود لها قبله، فيوجد بحرف النداء مصداق لمفهوم النداء، فالمعنى الحرفي مصداق للمعنى الاسمي.
(الثالث): أنه لا شك في أن مفاهيم أجزاء الجمل سواء كانت تامة أم ناقصة واسمية أم فعلية وخبرية أم إنشائية مفاهيم بسيطة مستقلة في الأذهان غير مرتبطة بعضها ببعض كالماء والكوز، فإنهما موضوعان لمفهومين متغايرين