منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٣٤
كما قدره النحويون.
ومن الواضح أن للدعوة نسبة صدورية إلى المتكلم الذي يقال له المنادي (بالكسر) والدال على هذه النسبة هيئة (أدعو) ونسبة المدعوية إلى طرفه وهو زيد في المثال المدعو بالمنادى (بالفتح) والدال على هذه النسبة هي لفظة (يا)، ولا بد من تصور أجزاء الكلام بما لها من المفاهيم الاستقلالية والروابط الموجبة لارتباطها وتألف الكلام منها ليتحقق التطابق بين القضية المعقولة والملفوظة، من غير فرق في ذلك بين الجمل الانشائية والأخبارية.
والحاصل: أنه كما يعتبر تصور المفاهيم الاستقلالية التي تدل عليها أطراف القضية من المسند والمسند إليه كذلك يعتبر تصور النسب والارتباطات التي تدل عليها الحروف والهيئات، فإن كل متكلم لا يلقي كلامه إلى مخاطبه إلا بعد تصور مضمونه من المفاهيم المستقلة وروابطها، فالكلام الملقى إلى الطرف كما يشتمل على الألفاظ التي تدل على المفاهيم المستقلة، كذلك يشتمل على الحروف والهيئات التي تحكي عن الارتباطات والنسب، وهل يمكن إلقاء كلام مفيد بدون التصور المزبور بعد وضوح لزوم التطابق بين القضية المعقولة والملفوظة كما أشرنا إليه آنفا؟ وثالثا: أنه لا معنى لمصداقية النسبة الندائية الموجدة بحرف النداء في موطن الاستعمال لمفهوم النداء الذي هو معنى اسمي، وذلك لعدم انطباق ضابط المصداقية على المعنى الحرفي، فإن ضابطها هو صحة وقوع المصداق مسندا إليه و المفهوم مسندا نظير (زيد إنسان)، ومن المعلوم عدم صحته في المقام، ضرورة عدم صحة وقوع الحرف مسندا إليه، وإلا لخرج عن كونه حرفا كما هو واضح