نعم إذا كانت الفتوى على خلاف القاعدة والأصل، فحيث ان عدالة الأصحاب تمنع عن الفتوى من غير مستند، والفرض انه لا مستند غير تلك الرواية، فلا محالة يستكشف من ذلك استنادهم إليها، ولعله من هذا الباب حديث على اليد ما اخذت (1)، فإنه خبر ضعيف، وفتوى قدماء الأصحاب على طبقه وان لم يستدلوا به، ولكنها ترجع إلى الشهرة العملية، وليست مجرد الشهرة الفتوائية.
الثالث: لا اشكال في أن مخالفة العامة من المرجحات ولا كلام في ذلك انما الكلام في أن مرجحيتها، هل تكون من جهة مطلوبية المخالفة لهم في نفسها، كما هو الظاهر من خبر داود بن الحصين عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في حديث، وان من وافقنا خالف عدونا، ومن وافق عدونا في قول أو عمل فليس منا ولا نحن منهم (2)، أو من جهة التعبد المحض كما هو الظاهر من ما تضمن الامر بالأخذ بالمخالف، كخبر المفضل بن عمر قال الصادق (ع) كذب من زعم أنه من شعيتنا، وهو مستمسك بعروة غيرنا (3)، أو من جهة صدور الموافق تقية، كما هو المستفاد من جملة من الاخبار كخبر عبيد بن زرارة عن الإمام الصادق (ع) ما سمعته منى يشبه قول الناس فيه التقية، الحديث (4) أو من جهة ان الرشد في خلافهم كما هو ظاهر كثير من النصوص، لاحظ قوله (ع) دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم (5) وخبر على بن أسباط عن الإمام الرضا (ع) في حديث ائت فقيه البلد فاستفته من امرك فإذا أفتاك بشئ فخذ بخلافه فان الحق فيه (6) ونحوهما غيرهما، وجوه.
أظهرها الأخير، فان ما هو مدرك الوجه الأول، ظاهر في الموافقة معهم في العقائد الفاسدة كما يشهد به خبر حسين بن خالد عن الإمام الرضا (ع) شيعتنا المسلمون لامرنا الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن لم يكن كذلك فليس منا (7).