واما في الأحكام الشرعية، فقد أشكل عليه بأنه لا يكاد يشك في بقاء الحكم الا من جهة الشك في بقاء موضوعه بسبب تغير بعض ما هو عليه مما احتمل دخله فيه حدوثا أو بقاءا والا لا يتخلف، الحكم عن موضوعه.
أقول: يرد عليه ان ما افاده من أن الاتحاد لا غبار عليه في الموضوعات، لا يتم في الموضوعات التي تنقص تارة وتبقى على التمام أخرى، كما في مقدار من الماء الذي يكون كرا، فإنه ما دام لم ينقص منه شئ لا يشك في كريته وانما يشك فيها إذا اخذ مقدار من الماء ومعه لا يكون الموضوع باقيا، فان الباقي بالدقة غير ما كان.
وربما يورد على المحقق الخراساني بايراد آخر وهو ان ما افاده من أنه لا يتصور الشك في الحكم، الا مع الشك في موضوعه، ينافي ما بنى عليه من أن بعض القيود يكون قيدا للحكم وليس من قيود الموضوع كما لو ورد أكرم العالم، إذا جاء، فان الشرط في القضية، وهو المجئ قيد للحكم، دون الموضوع، وعلى هذا فإذا انتفى قيد من هذه القيود يكون ثبوت الحكم مشكوكا فيه لاحتمال كونه قيدا للحدوث لا للبقاء، ومع ذلك يكون الموضوع باقيا، فالشك في الحكم لا يلازم الشك في الموضوع.
وفيه: ان الموضوع في المقام غير الموضوع الاصطلاحي: فإنه لم يرد رواية ولا آية دالة على لزوم بقاء الموضوع، بل الدليل كما تقدم دل على لزوم اتحاد القضيتين، ولا يصدق ذلك الا مع اتحادهما حتى من ناحية قيود الحكم ان لم ترجع إلى قيود الموضوع.
وقد يقال بان المراد بالاتحاد ان كان اتحاد الموضوعين حقيقة وطبيعة وان اختلفا وجودا، فيلزم الالتزام بجريان الاستصحاب فيما إذا تيقن بترتب محمول على فرد، وشك بعده في ثبوته لفرد آخر كما إذا علم بعدالة زيد، ثم شك في عدالة عمرو، وهو بين الفساد، وان كان اتحادهما وجودا، فيلزم عدم جريان الاستصحاب في القضايا الطبيعية مع عدم تحقق مصداق له في الخارج.
وفيه: انا نختار الشق الثاني ولكن نقول ان المراد ليس اتحادهما في الوجود الخارجي الحقيقي، بل الأعم منه ومن الوجود الفرضي كما هو الشأن في جميع القضايا