الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار خطابا أيضا، ولم يخالف في عدم منافاته للاختيار عقابا، أحد من العقلاء.
المقدمة الثانية: ان القدرة، تارة لا يكون لها دخل في ملاك الحكم أصلا بل الفعل يتصف بالمصلحة كان المكلف قادرا أم غير قادر، وفي هذا المورد القدرة شرط عقلي، وأخرى تكون القدرة شرطا ودخيلة في الملاك، وفي اتصاف الفعل بالمصلحة، وفي هذا المورد القدرة شرط شرعي كما في باب الوضوء حيث إن القدرة على الماء شرط شرعي كما هو المستفاد من الآية الشريفة، وعلى الثاني، تارة تكون القدرة المطلقة ولو قبل حصول الشرط دخيلة في الملاك، وأخرى تكون، القدرة الخاصة كذلك، وعلى الثاني، تارة تكون الخصوصية المعتبرة فيها هي حصولها في زمان الواجب فقط، وأخرى تكون هي حصولها بعد تحقق شرط الوجوب ولو كان ذلك قبل زمان الواجب، فهذه شقوق أربعة.
إذا عرفت هاتين المقدمتين، فاعلم أنه في الشق الأول، وهو ما إذا لم تكن القدرة دخيلة في الملاك والغرض أصلا، أقول:
الأول: ما نسب إلى المحقق العراقي (ره)، وهو انه لا يجب تحصيل تلك المقدمة التي يفوت الواجب في ظرفه بتركها، ولا يحكم العقل باستحقاقه العقاب، لا على ترك المقدمة، ولا على ترك ذي المقدمة. بدعوى، انه لو قصر المكلف قبل زمان الواجب في تحصيل المقدمات التي لو فعلها قبل تحقق وقت الخطاب لتمكن من امتثاله، وتساهل في تحصيلها حتى حضر وقت التكليف، وهو عاجز عن امتثاله، لا يستحق العقاب على ترك شئ منهما، اما عدم استحقاقه على ترك المقدمة فلعدم تعلق التكليف بها، لا عقلا لعدم وجود ملاكه فيها، ولا شرعا لعدم الدليل عليه، واما عدم استحقاقه على ترك ذي المقدمة، فلان التكليف غير متوجه إلى العبد، لعدم القدرة، فلا يكون العبد مقصرا في امتثال التكليف.
وفيه: ان العقل كما يستقل بان تفويت الحكم وعدم التعرض لامتثاله مع وجوده موجب لاستحقاق العقاب، كذلك يستقل بان تفويت الغرض الملزم، الذي هو قوام