أدلة الأشاعرة على الكلام النفسي وقد استدل القائلون بثبوت الكلام النفسي على مدعاهم بوجوده:
الأول ان الكلام اللفظي المؤلف من الحروف الهجائية المتدرجة في الوجود أمر حادث يستحيل اتصاف الله تعالى به في الأول وغير الأزل وإلا لزم اتحاد القديم مع الحادث وهو محال، لان صفات الله عز وجل عين ذاته. وحيث إن الله تعالى وصف نفسه بهذه الصفة في كتابه فقال سبحانه " وكلم الله موسى تكليما " 1 وكذلك وصفه بها المعصومون عليهم السلام في الاخبار والأدعية، فلا مناص من البناء على ثبوت الكلام النفسي وان الله تبارك وتعالى متصف به، وذلك الكلام مجتمعة اجزاؤه وجودا.
و الجواب عن ذلك يبتنى على بيان مقدمة، وهي: ان صفاته تعالى على قسمين الصفات الذاتية والصفات الفعلية، والفارق بينهما أن صفات الله الذاتية هي التي، لا يمكن نفيها عنه، ويستحيل أن يتصف سبحانه بنقيضها أبدا كالعلم و القدرة، حيث أنه لا يمكن نفيها عنه، ولسنا نصفه بالعجز والجهل، والصفات الفعلية هي التي يمكن أن يتصف بها في حال وبنقيضها في حال آخر كالخلق والرزق، فيقال: ان الله تعالى خلق كذا ولم يخلق كذا، ورزق فلانا ولدا ولم يرزقه مالا. وأيضا الصفات الذاتية لا تتعلق بها القدرة ولا الإرادة، لأنهما تتعلقان بالممكنات دون غيرها، والقسم الأول متحد مع ذاته سبحانه قديم بقدمه، وأما القسم الثاني فهو من مخلوقاته ومن آياته، ولا يكون متحدات مع ذاته ولا قديما بقدمه.
إذا عرفت هذه المقدمة يظهر لك جليا أن التكلم انما هو من الصفات الفعلية، لانطباق ما ذكر ضابطا لها عليه، فإنه يصح أن يتصف الله تعالى بمقابله ويصح سلبه عنه، ويقال كلم الله موسى ولم يكلم فرعون، وتتعلق قدرته به لأنه سبحانه كان قادرا على