وأضعف من ذلك ما عن جماعة منهم، من ارجاع الإرادة في الله تعالى إلى العلم مفهوما، مع أنه لو أغمض عما ذكرناه وسلم كونها عين ذاته، ما استدلوا به على تغاير العلم و القدرة والحياة في الله سبحانه، يجرى في الإرادة أيضا. والوجدان أقوى شاهد على التغاير، فان قولنا " الله عالم " و " الله مريد " ليسا من قبيل المترادفين نظير " زيد انسان " و " زيد بشر " بل الضرورة قاضية بأنه بفهم من كملة " الله عالم " شئ " ومن كلمة " الله مريد " شئ آخر.
وأيضا قاضية بأن الاعتقاد بان الله تعالى عالم ليس اعتقادا بأنه مريد، والبرهان على كونه عالما لا يكون برهانا على أنه مريد. نعم لو التزمنا بثبوت إرادة ذاتية فيه سبحانه وراء لإرادة في مرتبة فعله، لا مصداق له فيه سوى علمه تعالى، ولكن لا دليل على ثبوتها.
إرادة الله من صفات الفعل الامر الثاني ان إرادة الله تعالى من صفات الفعل لامن الصفات الذاتية، وذلك لوجوه: الأول انطباق ما ذكرناه ضابطا لصفات الفعل من اتصافه بما يقابلها أيضا على ارادته، ويقال: ان الله تعالى مريد لو لوجود الانسان وغير مريد لوجود العنقاء.
الثاني ان وجود الموجودات ليس كمالا له تعالى حتى تكون إرادة وجودها من الصفات الكمالية الذاتية.
الثالث تطابق الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام على ذلك.
لا حظ صحيح عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت قال لم يزل الله مريدا. قال (ع): ان المريد لا يكون الا المراد معه، لم يزل الله عالما قادرا ثم أراد 1. وهذا الخبر صريح في أن ارادته ليست من الصفات الذاتية.