وما ذكره المحقق الأصفهاني (ره) من أن دعوى عدم احتياج بعض الممكنات إلى العلة من الغرائب، إذ الممكن مساوق للمفتقر.
مندفع: بأنا لا ندعي وجود الممكن بذاته وتلتزم بافتقاره إلى الموجد، الا أنا نقول:
ان احتياج كل ممكن ولو كان فعلا اختيارا إلى العلة التامة - أي ما لا ينفك إلى الموجد والخالق والصانع.
إذا عرفت هذه المقدمات، يظهر لك أن السبب لوجود الفعل الاختياري ليس هو الشوق، حتى تكون شبهة الجبر شبهة لا يمكن دفعها، بل السبب هو اعمال النفس قدرتها في الفعل وأنها تامة في الأفعال الاختيارية بلا محرك آخر، فالجواب عنها واضح.
ايرادات هذا الجواب ونقدها وربما يورد على هذا الجواب بايرادات:
أحدها أن الاختيار بهذا المعنى حادث أم واجب، فان كان واجبا لزم أن يصحبه من أول وجوده، وان كان حادثا ولكل حادث محدث فوجود الاختيار يكون بايجاد الموجد. والموجد اما أن يكون هو أو غيره، فان كان هو بنفسه فان كان باختيار آخر لزم التسلسل، فلابد وأن يكون وجود الاختيار بغير الاختيار، فيكون مجبورا على الاختيار من غيره. وبما أن الجبر على العلة جبر على المعلول فالفعل يصدر حبرا.
وبعبارة أخرى: الاختيار لا يكون واجبا بالبداهة بل هو ممكن وبما أن كل ممكن يحتاج في وجوده إلى العلة التامة فهو معلول لعلة وتلك العلة اختيارية أم غير اختيارية، فان كانت اختيارية وصادرة عن اختيار آخر ينقل الكلام إلى ذلك الاختيار، فلابد وأن ينتهى إلى علة غير اختيارية وإلا لزم التسلسل، فان انتهى إلى علة غير اختيارية أو من الأول