الوضع في الحروف عام والموضوع له عام اما المقام الثاني: وهوان الموضوع له في الحروف عام أو خاص، فقد اختلفت كلمات القوم فيه على أقوال:
الأول: كون الوضع عاما، والموضوع، والمستعمل فيه خاصا. الثاني: كون كل من الواضع والموضوع له والمستعمل فيه عاما. الثالث: كون الوضع عاما وكل من الموضوع له والمستعمل فيه خاصا.
اما الوجه الأول، فهو بديهي البطلان إذ الوضع انما يكون للاستعمال، فلا معنى لوضع اللفظ لمعنى لا يستعمل فيه ابدا، ويستعمل في معنى آخر.
واما الوجه الثاني، ففيه مذاهب:
الأول: ما اختاره المحقق الخراساني، وقد عرفت ما فيه. نعم لو تم ما ذكره في المعنى الحرفي، صح ما بنى عليه.
الثاني: ما اختاره أستاذ الأساتذة المحقق النائيني (ره) وحاصله: ان المراد من الكلية والجزئية في المقام ليس بمعنى الصدق على الكثير ين وعدمه، كما هو شأن المفاهيم الاسمية. إذ حقيقة المعنى الحرفي، هي حقيقة الربط الكلامي. فلا يعقل صدق هذه النسبة على الخارج، بل هي مما ينطبق عليه المفهوم الأسمى بل المراد بالكلية والجزئية في المقام، هو ان المعنى الحرفي الذي يكون قوامه بالطرفين، كما أن الطرفين خارجان عن حريم المعنى، هل التقيدات أيضا خارجة فيكون الموضوع له واحدا وكليا؟ وبعبارة أخرى: يكون ما أوجدته كلمة " من " مثلا في جميع الموارد هوية واحدة، وتكون الخصوصيات اللاحقة لذلك المعنى بتوسط الاستعمالات خارجة عن حريم المعنى؟ أم هي داخلة في المعنى، فيكون الموضوع له متعددا وخاصا؟ واختار قده الأول، بدعوى ان المعاني الحرفية، وان احتاجت في مقام وجودها إلى خصوصية الطرفين، الا انها في مقام ماهياتها لا تحتاج إليها، فهي نظير الاعراض، فكما انها في مقام تحققها في الخارج