إليهم ونسب خلق أنفسهم وأعمالهم إليه تعالى، وقوله عز وجل " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " 1 فنسب الرمي إلى رسول الله ونفاه عنه ونسبه إليه تعالى.
مع أن الآيات المشار إليها انما هي في غير الأفعال الاختيارية، بل فيما يجعل شريكا لله تعالى من الجن والشمس والقمر وما شاكل ذلك وتدل على أنها بأجمعها مخلوقة له.
أضعف إلى ذلك أن غاية ما هناك دلالة الآيات على كون جميع الأشياء مخلوقة لله تعالى، ومنها الأفعال الاختيارية، فيخصص عمومها بالآيات الكثيرة المتضمنة لنسبة الأفعال الاختيارية إلى العباد البالغة مائة آية، كقوله تعالى " كل نفس بما كسبت رهينة " 2 وقوله سبحانه " فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دسيها " 3 إلى غير ذلك من الآيات الكريمة.
بل لو تدبرنا في القرآن الكريم نجد أنه تعالى نسب في ما يقرب من ثلاثمائة آية العمل والفعل إلى الانسان، وعليه فلا شك في تخصيص الآية الشريفة بها.
الاستدلال للجبر بانتهاء الافعال إلى إرادة الله تعالى ثانيهما ان أفعال العباد اما أن تكون متعلقة لمشيئة الله وارادته الأزلية، واما أن لا تكون كذلك. وعلى الأول يجب وجودها وإلا لزم تخلف المراد عن ارادته، وعلى الثاني يمتنع وجودها، إذ بما أن أفعال العباد من الممكنات وكل ممكن لابد وأن يوجد بإرادته وإلا لزم التصرف في سلطان المولى، فيمتنع وجودها ان لم تكن ارادته تعالى متعلقة بها، فجميع أفعال العباد انما توجد بإرادة الله فيجب وجودها وليس للعبد اختيار في الفعل.