التوجه حين الاتيان بالفعل بخصوصياته وعدم تعلق الإرادة التفصيلية المستقلة بكل جزء من أجزائه ولكنها لا تصير سببا لعدم التمكن من ترك الفعل، وليس معنى اختيارية الفعل الا ذلك.
الندامة واحساس المسؤولية وبعدما عرفت من عدم تمامية ما استدل به على الجبر به حيث العوامل الطبيعية يمكن أن يستدل للاختيار من تلك الناحية بوجوده:
منها انه لا اشكال في أن لكل فرد من أفراد الانسان يجد في نفسه حالة الندامة وفي غيره آثارها مع التقصير في بعض الأفعال الموجب لتوجه ضرر إليه أو إلى غيره أو سلب نفع عنه، ولا يجدها مع عدم التقصير كما لو وجد ذلك الفعل من غير اختيار، وليس ذلك الا من جهة كون الأول اختياريا دون الثاني.
مثلا: إذا لم يقم لمن يلزم احترامه وأنطبق عليه عنوان الهتك والإهانة، فان كان ذلك عن تقصير تحصل الندامة، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك، كما إذا لم يتوجه إلى وروده، وهكذا في سائر الأفعال. وهذه آية قطعية على اختيارية بعض الأفعال.
ومنها ان الانسان يحس بالمسؤولية أمام القانون أعم من الإلهي أو الحكومي، ولو لم يكن هناك اختيار لما كان لذلك وجه، لان العمل غير الاختياري لا يصح المؤاخذة عليه عقلا.
فان قيل: ان احساس المسؤولية انما هو من جهة جعل الجزاء على العمل، وهو انما يكون من جهة تأثيره في تبديل العمل. وبعبارة أوضح: ان جعل ذلك انما هو إضافة عامل داخلي آخر إلى العوامل الداخلية المؤثرة في الإرادة والاختيار جبرا، فلا يكون ذلك آية كون الاختيار اختياريا.