في المعنى الاخر، مثلا إذا قال القائل رأيت اليوم أمرا لم أكن رأيته قبل ذلك، ثم فسره بنزول المطر الشديد، فأي علاقة بين ذلك والمعنى الذي يستعمل فيه الامر في مقام الطلب؟ وحيث لا ريب في اعتبار العلاقة المصححة للاستعمال بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازى، فيستكشف من ذلك أن استعماله فيه ليس مجازا.
واما ما ذكره بعض الأكابر، في وجه كونه حقيقة فيه، من أن لفظ الامر لو كان حقيقة في الطلب مجازا في غيره لما اختلف جمع الامر بأحد المعنيين مع الجمع بالمعنى الاخر كما هو المشاهد في ساير المعاني الحقيقة والمجازية، مع أن جمع لأمر بمعنى الطلب على " أوامر " وجمعه بالمعنى الاخر، على " أمور ".
ففيه: ان اختلاف الجمع وتعدده كاشف عن عدم وضعه للجامع بين المعنيين، حيث: ان المفهوم الواحد المنطبق على مصداقين، لا يعقل ان يكون جمع ما يدل عليه و وضع له، بنحوين بلحاظ اختلاف المصداقين بعد كون المستعمل فيه واحدا، كما عرفت، واما بعد تسليم تعدد المعنى، فلا يصح تعيين كونه حقيقة فيهما، بذلك: لامكان ان يكون أحد الجمعين بلحاظ معناه الحقيقي، والاخر بلحاظ معناه المجازى، وقد صرح بذلك بعض أئمة الأدب ومثل له باليد، حيث إن جمعه بلحاظ معناها الحقيقي على (أيدي) وبلحاظ معناها المجازى وهي النعمة على أيادي.
ومما ذكرناه ظهر عدم تمامية ما افاده المحقق الأصفهاني (ره) من أن لفظ الامر وضع لمعنى واحد وهو الجامع بين ما يصح ان يتعلق به الطلب تكوينا وما يتعلق به تشريعا، وان الأصل فيه ان يجمع على أوامر.
وجه الظهور ما مر من عدم الجامع الذاتي بين المعنى الحدثي والمعنى الجامد ليكون الامر موضوعا بإزائه.
المعنى الاصطلاحي للفظ الامر قال المحقق الخراساني، واما بحسب الاصطلاح فقد نقل الاتفاق على أنه حقيقة