أدلة الجبريين لما ذهبوا إليه الوجه الأول:
وقد استدل للقول بالجبر بقسمين من الوجوه: أحدهما من ناحية العوامل الطبيعية، الثاني من ناحية ما وراء الطبيعة.
أما الأول، فقد استدل له بأن الفعل يصدر عن الإرادة ومعلول لها، والإرادة اما أن تكون إرادية صادرة عن إرادة أخرى أو تكون غير إرادية، فان كانت إرادية كانت معلولة لإرادة أخرى، وينتقل الكلام إلى تلك الإرادة التي تكون علة لهذه الإرادة، فلابد وأن تنتهي إلى أمر غير إرادي وإلا لزم التسلسل. فان انتهت إلى أمر غير اختياري، أو التزمنا بأنها غير إرادية فلا محالة يكون الفعل غير اختياري، وذلك لان الجبر على العلة جبر على المعلول. وبعبارة أخرى: المعلول الامر غير اختياري خارج عن تحت الاختيار، كما هو واضح.
جواب الحكماء ونقده وقد أجيب عن ذلك بأجوبة:
أحدها - ما عن الحكماء، وهو أن وجوب الفعل وكونه ضروريا من ناحية ارادته لا ينافي الاختيار. وبعبارة أخرى: ضرورية الفعل ووجوبه وعدم امكان تركه لا تنافى الاختيار، بل الفعل الاختياري هو الفعل الذي ان شاء فعل وان شاء لم يفعل، ولا يلزم في صدق القضية الشرطية أن يكون طرفاه ممكنين، بل يمكن أن يكونا واجبين ويمكن أن يكونا ممتنعين.
فضرورية الفعل أو الترك لا تنافى الاختيار، والا فلو كان وجوب الفعل موجبا لخروج الفعل عن الاختيار لزم أن لا يكون الله سبحانه فاعلا مختارا، إذ الصادر الأول