مركب من المادة والهيئة، والأولى موضوعة للماهية لا بشرط، والثانية موضوعة لابراز الشوق، فكل من المرة والتكرار خارج عن مدلولهما، وليس للمركب وضع آخر حتى يدعى دخل أحدهما فيه. نعم، مقتضى الأصل اللفظي والعملي هو كون المطلوب وجودا واحدا اما الأول. فلانه إذا تمت مقدمات الحكمة وثبت الاطلاق يكون الثابت به ان المطلوب صرف وجود الطبيعة المنطبق على أول الوجودات، فما لم ينصب قرينة على كون المطلوب وجودات عديدة، لابد من البناء على ذلك، من غير فرق في ذلك بين الواجبات المستقلة والضمنية، كما أن مقتضى الاطلاق ان المطلوب ينطبق على الوجود الأول:، وان انضم إليه الوجود الثاني، وبعبارة أخرى انه كما يقتضى كون المطلوب وجودا واحدا غير مقيد بانضمام ساير الافراد إليه، كذلك يقتضى انه المطلوب غير مقيد بعدم انضمام غيره إليه، واما الثاني فلانه يشك في وجوب غير الفرد الأول: المطلوب قطعا، فيجرى أصالة البراءة ويحكم بعدم الجوب.
واما اتيان المأمور به ثانيا بعد اتيانه أولا المسمى ذلك بالامتثال عقيب الامتثال فسيأتي الكلام فيه في الاجزاء مفصلا.
الفور والتراخي المبحث الثامن: هل الصيغة تدل على الفور، أو التراخي، أم لا يدل على شئ منهما معنى كون الواجب فوريا هو تضييقه ولزوم البدار إلى امتثاله كما أن معنى جواز التراخي هو توسعته، وعلى ذلك فانقدح مما حققناه في مبحث المرة والتكرار انه لا دلالة للصيغة على الفور ولا على التراخي: لأنها لو دلت على أحدهما قطعيا اما ان تكون من ناحية المادة أو من ناحية الهيئة، والمادة كما عرفت موضوعة للطبيعة المهملة العارية عن جميع الخصوصيات، والهيئة وضعت للدلالة على ابراز الشوق أو اعتبار كون المادة على عهدة المأمور فلا دلالة في شئ منهما على ذلك.
والاستدلال لدلالة الهيئة على الفور: بان البعث الشرعي انما هو بمنزلة العلة في