وأورد عليه المحقق النائيني (ره) بان الاستصحاب انما يجرى فيما إذا كان المستصحب اثرا شرعيا، أو موضوعا ذا اثر شرعي، والا كما في المقام، حيث إن الأثر، وهو استقلال العقل بوجوب التعلم انما هو مترتب على مجرد احتمال الابتلاء، لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، لا على واقعه، فلا يجرى الاستصحاب وبعبارة أخرى، ان الأثر في كل مورد كان مترتبا على نفس الشك والاحتمال دون الواقع، متى شك فيه فالموضوع محرز بالوجدان، ومعه لا مورد للتعبد بالواقع أصلا فإنه لغو، وما نحن فيه كذلك، لان الموضوع هو احتمال الابتلاء، وهو محرز بالوجدان، واما الابتلاء الواقعي فلا اثر له كي يجرى الاستصحاب فيه.
وفيه: ان التعبد بما هو محرز بالوجدان لغو صرف، ومن أردأ أنحاء تحصيل الحاصل، والتخصيص في الحكم العقلي لا ريب في امتناعه، اما التعبد بما يوجب رفع موضوع حكم العقل، فلا محذور فيه، وبعبارة أخرى ان الحكم العقلي قابل للتخصص والخروج الموضوعي، وما نحن فيه من هذا القبيل: فان موضوع حكم العقل هو الضرر المحتمل، والمطلوب بالاستصحاب ليس هو اثبات وجوب الدفع، بل المثبت بالاستصحاب عدم العقاب، والضرر، وبه يرتفع موضوع وجوب الدفع، وعلى الجملة كما أنه يصح رفع موضوع قبح العقاب بلا بيان باستصحاب الوجوب، كذلك يصح رفع موضوع وجوب دفع الضرر المحتمل بالاستصحاب المذكور ولا محذور في ذلك.
ولكن يمكن الاستدلال لوجوب الدفع، وعدم جريان الأصل المذكور بوجهين.
1 - العلم الاجمالي بجملة من الأحكام الشرعية في ظرفها وهذا العلم الاجمالي مانع عن اجزاء الأصل المذكور في كل ما هو من أطراف العلم الاجمالي.
2 - اطلاق ما دل على وجوب التعلم: إذ لو اختص ذلك بموارد العلم أو الاطمينان بالابتلاء لم يبق تحت تلك الأدلة الا موارد نادرة.
ثم إن الكلام في أن المستفاد من الأدلة من الآيات والروايات، ان وجوب التعلم، نفسي، أو طريقي، أو ارشادي موكول إلى محله وقد استوفينا الكلام في ذلك في مبحث الاشتغال.