ما هو الحق نقد هذا الوجه وهناك أجوبة أخر لا يهمنا التعرض لها، والحق في الجواب عن هذا الوجه يبتنى على بيان مقدمات:
تجرد النفس عن المادة الأولى ان كل انسان يجد في نفسه مشاهدة أن له وراء الأعضاء وأجزاء بدنه التي يشعر بها بالحسن أو بنحو من الاستدلال - كالأعضاء الظاهرة المحسوسة بالحواس الظاهرة والأعضاء الباطنة التي عرفها بالحسن والتجربة، معنى يحكى عنه ب " أنا "، وتارة يعبر عنه ب " الروح "، وأخرى ب " الذات "، وثالثة ب " النفس ".
والدليل على كون تلك غافلة عن أنفسها، مثلا: أعصاب اليد لا تتوجه إلى أيها أعصاب اليد وهكذا. وهذه الحقيقة لا تغفل عن نفسها، بل تشعر بها وبسائر الأعضاء.
2 - ان هذه تحدد الغرائز وتبارز معها، ولا يعقل مبارزة الشئ مع نفسه.
3 - انه لو كانت هي، هو البدن أو شيئا من أعضائه أو أجزائه أو خاصة من خواصه الموجودة فيه، وهي جميعا مادية، ومن أحكام المادة الانقسام، والمجزى، والتغير التدريجي - لكانت مادية قابلة للانقسام ومتغيرة، وليست كذلك، فانا نجد من أنفسنا بعد المراجعة إلى هذه المشاهدة النفسانية اللازمة لأنفسنا، ونذكر ما كنا نجده من هذه المشاهدة منذ أول شعورنا بأنفسنا، معنى مشهودا واحدا باقيا على حاله من غير أدنى تغير وتعدد، كما نجد أبداننا وأجزاءها والخواص الموجودة معها متغيرة متبدلة من كل جهة في موادها وأشكالها وسائر أحوالها وصورها، وكذا نجده معنى بسطا غير قابل