واما لو احتمل ذلك فلا دليل على قبح ترك المقدمة وان أوجب فوت الملاك في ظرفه، وعليه فلو صح ما نسب إلى المشهور من حكمهم بوجوب التعلم قبل الوقت وان احتمل الابتلاء بما لا يعلم حكمه ولم يعلم بذلك، يكون ذلك من جهة كون وجوب التعلم واجبا نفسيا فتدبر فإنه غير خال عن الاشكال.
فان قلت: انه بناءا على حكم العقل بقبح ترك المقدمة، الموجب لترك الواجب في ظرفه، انه احتمل ذلك فبما انه يحتمل تحقق العصيان في ظرفه بتركه المقدمة، فلا محالة يحتمل العقاب، فيحكم العقل بوجوب دفعه باتيانها دفعا باتيانها دفعا للضرر المحتمل، لعدم جريان البراءة في هذا المورد كما هو واضح ومر أيضا.
قلت: انه بناءا على ما حققناه في محله من جريان الاستصحاب في الأمور الاستقبالية يجرى في المقام استصحاب عدم فوت الواجب في ظرفه بغير اختيار منه، فتأمل فان ذلك يتم على القول بوجوب المقدمة التي يترتب على تركها فوت الواجب في ظرفه كما اختاره المحقق النائيني، ولا يتم على ما اخترناه من عدم الوجوب، لعدم الأثر الشرعي.
واما ما أورده المحقق النائيني على هذا الاستصحاب، بان جريان يتوقف على كون الواقع المشكوك فيه اثرا، أو ذا شرعي حتى يتعبد به في ظرف الشك، وأما إذا لم يكن هناك اثر شرعي، أو كان الأثر مترتبا على نفس الشك المحرز وجدانا فلا معنى للعبد به في مورده، وما نحن فيه من هذا القبيل، فان وجوب دفع الضرر المحتمل مترتب على نفس الاحتمال وجدانا، وليس للواقع اثر شرعي يدفع احتماله بالأصل، فلا يبقى مجال لجريان استصحاب العدم.
فغير تام، إذ مستند منعه عن الجريان ان كان عدم ترتب اثر على الواقع، فيرد عليه ان من لم يفت الملاك الملزم منه في ظرفه على تقدير ترك المقدمة، لا يجب على المقدمة، وجوبها مترتب على الفوت في ظرفه، وان كان ترتب اثر الواقع الذي أريد اثباته بالاستصحاب على نفس الاحتمال، فيرد عليه انه لو أتم فإنما هو فيما إذا كان المترتب على الاستصحاب نفس الحكم المترتب على الاحتمال ولا يتم فيما إذا كان