وأخرى يكونان بالعكس، وثالثة يكون كلا الزمانين مجهولين.
اما في الصورة الأولى - فقد يتوهم انه يحمل اللفظ على المعنى اللغوي: لأصالة عدم النقل إلى حين الاستعمال. ولا يرد عليه ما قيل من أنها ليست أصلا عقلائيا: فإنه يمكن دفعه بان بناء العقلاء على حمل الألفاظ على معانيها اللغوية مع احتمال ان يكون المستعمل نقلها إلى معان اخر، بل لان ذلك انما يتم في ما إذا لم يحرز النقل والا فمع احرازه والشك في تقدم الاستعمال وتأخره، يعارض هذا الأصل مع أصالة النقل إلى حين الاستعمال بنحو القهقرى التي هي أيضا في نفسها من الصول العقلائية: إذ لا ريب في أن العقلاء إذا رأوا لفظا مستعملا في كلمات القدماء وله ظهور فعلا في معنى يحملونه عليه، مع احتمال ان يكون الظهور الفعلي لنقله عن ما كان موضوعا عليه حين الاستعمال - فتتساقطان ويحكم بالاجمال.
وبذلك ظهر وجه الحكم بالاجمال في الصورتين الأخيرتين، ولكن الذي يهون الخطب - عدم ورود رواية متضمنة لهذه الألفاظ مع عدم القرينة على إرادة المعاني اللغوية أو الشرعية - فهذا البحث مما لا يترتب عليه ثمرة عملية.
الصحيح والأعم الرابع عشر في الصحيح والأعم، وقد وقع الخلاف في أن ألفاظ العبادات و المعاملات، هل تكون أسام للصحيحة، أو الأعم وقبل ذلك ينبغي التنبيه على جهات.
الأولى: لا شبهه في تأتى الخلاف على القول بثبوت الحقيقة الشرعية، واما على القول بعدم الثبوت ففيه اشكال. وقد ذكر في وجه جريان النزاع على هذا القول وجوه.
منها: ما نقله في الكفاية من أن النزاع وقع على هذا: في أن الأصل في هذه الألفاظ المستعملة مجازا في كلام الشارع هو استعمالها في خصوص الصحيحة أو الأعم، بمعنى ان أيهما قد اعترت العلاقة بينه وبين المعاني اللغوية ابتداءا وقد استعمل في الاخر بتبعه ومناسبته كي ينزل كلامه عليه مع القرينة الصارفة عن المعاني اللغوية وعدم قرينة أخرى