كلام العارف الشيرازي في معنى الاضلال وللعارف الصدر الشيرازي كلام في توجيه نسبة الاضلال إلى الله تعالى لا بأس بنقله ملخصا، لاشتماله على مطالب دقيقة:
قال: ان الله تعالى متجل للخلق بجميع صفات كماله وأسمائه ومفيض على عباده وعوالمه بكل نعوت جماله وجلاله، فالأول ما تجلى في ذاته لذاته، فظهر من تجليه عالم أسمائه وصفاته، فهي أول حجب الأحدية، ثم تجلى بها على عالم الجبروت، فحصلت من تجليه أنوار عقلية وملائكة مهيمنة قدسية، وهي سرادقات جبروتية ثم تجلى من خلق تلك الأنوار على العالم الملكوت الاعلى والأسفل ثم على أشباحها الغيبية والمثالية، ثم على عالم الطبيعة السماوية والأرضية.
ولكل من هذه العوالم والحضرات منازل وطبقات متفاوتة، وكلما وقع النزول أكثر قلت هذه الأنوار الأحدية بكثرة هذه الحجب الامكانية، وتراكمت النقائص والشرور بمصادمات الاعدام. أو لا ترى أن كلا من الصفات السبعة الإلهية التي هي أئمة سائر الصفات برية من النقصان و الامكان والكثرة والحدثان.
ثم إذا وقعت ظلالها في هذا العالم الأدنى حجبتها الآفات والشرور ولزمتها الاعدام والنقائص، فإذا ارتفعت عن عالم الأجسام زالت عنها تلك النقائص والشرور ورجعت إلى إقليم الوحدة.
ثم زعم أن هذا هو معنى الامر بين الامرين من الجبر والقدر، وهو أن النقائص والقصورات اللازمة في هذا العالم لبعض الصفات المنسوبة إلى الحق تارة والى الخلق، أخرى انما نشأت ولزمت من خصوصية هذا الموطن فعادت إلينا لا إلى الصفة الإلهية، وهو معنى قوله تعالى في الحديث القدسي " أنت أولى بسيئاتك منى "، ومعنى قوله " لا أسأل عما أفعل " أن الافعال الصادرة منه بلا واسطة وكذا الصفات الإلهية الثابتة له في مقام التوحيد قبل عالم الكثرة ليس فيها شائبة النقص والقبح حتى يرد فيها السؤال، لان