الثالث ان القول بالبداء اعتراف بأن الله تعالى السلطنة التامة على الممكنات وأنها بأجمعها تحت سلطانه و قدرته حدوثا وبقاءا، وانه يوجب انقطاع العبد إلى الله وطلبه منه إجابة دعائه وكفاية مهماته. والى هذا تشير الاخبار المتضمنة للاهتمام بشأن البداء، وعليه يحمل ما دل على أن الصدقة تزيد في العمر وكذلك صلة الرحم وما شاكل.
الرابع ان ما وقع في كلمات المعصومين عليهم السلام من الانباء بالحوادث الآتية، انما هو على نحوين: أحدهما ما أخبر بوقوع الامر المستقبل على سبيل الجزم، فهو كاشف عن أن ما أخبر به مما جرى به القضاء المحتوم. والاخر ما أخبر به معلقا على أن لا تتعلق بخلافه المشيئة الإلهية ولو مع قرينة منفصلة، فهو كاشف عن كون المخبر به مما جرى به القضاء الموقوف الذي هو مورد للبداء.
الكلام النفسي الثانية مسألة الكلام النفسي:
قد اتفقت الأشاعرة على أن للكلام نوعا آخر غير النوع اللفظي المعروف المسمى عندهم بالكلام النفسي، ثم اختلفوا فذهب جماعة منهم إلى أنه مدلول للكلام اللفظي ومعناه، وذهب آخرون إلى أنه مغاير لمدلول اللفظ وان دلالة اللفظ عليه من قبيل دلالة الفعل الاختياري على إرادة الفاعل.
وعلى ذلك بنوا القول بقدم القرآن، نظرا إلى أنه كلام الله الذي هو من صفاته الذاتية القديمة بقدمه، والمعروف بينهم اختصاص القدم بالكلام، الا أن الفاضل القوشجي نسب إلى بعضهم القول 1 بقدم جلد القرآن وغلافه أيضا.
وفي مقابل هذه الطائفة، ذهب غيرها من طوائف المسلمين إلى حدوث القرآن، وان كلامه اللفظي مخلوق له، وليس هناك نوع آخر من الكلام.