وقد أورد المحقق النائيني على من فرق بينهما من ناحية الغرض متبنيا على ما ذكره في مبحث الصحيح والأعم، من أن الافعال بالإضافة إلى المصالح من قبيل العلل المعدة، لامن قبيل الأسباب بالإضافة إلى مسبباتها، ولذلك التزم باستحالة جعلها متعلقة للتكليف، وحاصل الايراد ان حصول المصلحة، عدمها، أجنبيان عن المكلف، فلا معنى لكونه بصدد تحصيلها، بله هو مكلف بايجاد المأمور به في الخارج.
وفيه: مضافا إلى ما تقدم في ذلك المبحث، من أن نسبة الافعال إلى الاغراض الموجبة للامر بها، نسبة الأسباب إلى مسبباتها، وان كانت بالإضافة إلى الغرض الأقصى من قبيل العلل المعدة، انه لو سلم ذلك يتم الفرق المذكور أيضا، إذ حينئذ يقال، ان الواجب التوصلي هو ما كان نفس وجود الفعل من قبيل العلة المعدة، والواجب التعبدي هو ما كان الفعل الماتى به بنحو ينطبق عليه عنوان التخضع، والتذلل من قبيل العلة المعدة، لا مجرد وجود الفعل.
الدواعي القربية الثالثة: هل الداعي القربى أي ما يوجب اتصاف الفعل بالعبادية يكون منحصرا في قصد الامر كما اختاره صاحب الجواهر، أم يعم قصد المحبوبية، كما هو الأقوى أم هناك دواع قربية غيرهما، وجوه، وأقوال.
الأظهر هو القول الثاني، وهو انحصار الداعي القربى في الامر، والمحبوبية، واما غيرهما مما توهم كونه من الدواعي القربية فلا تكون بأنفسها منها.
توضيح ذلك أن ما يتوهم ان يكون منها أمور: الأول: حصول القرب إليه تعالى الثاني: شكر نعمه الثالث: تحصيل رضاه، والفرار من سخطه الرابع: رجاء الثواب، ورفع العقاب الخامس: حصول المصلحة الكامنة في الفعل.
وشئ منها بنفسه لا يكون موجبا للعبادية: إذ القرب إليه تعالى سواء أ كان المراد منه القرب الروحاني، أم القرب المكاني الا دعائي لا يحصل الا باتيان المطلوب الشرعي